مشاركة جديدة

القصيدة النونية 2


فصل
في شهادة أهل الاثبات
على أهل التعطيل أنه ليس في السماء اله يعبد
ولا لله بيننا كلام ولا في القبر رسول الله

إنّا تحملنا الشهادة بالذي*** قلتم نؤديها لدى الرحمن
ما عندكم في الأرض قرآن كلا***م الله حقا يا أولي العدوان
كلا ولا فوق السموات العلى*** رب يطاع بواجب الشكران
كلا ولا في القبر أيضا عندكم*** من مرسل والله عند لسان
هاتيك عورات ثلاث قد بدت*** منكم فغطوها بلا روغان
فالروح عندكم من الاعراض قا***ئمة بجسم الحي كالألوان
وكذا صفات الحي قائمة به*** مشروطة بحياة ذي الجثمان
فاذا انتفت تلك الحياة فينتفى*** مشروطها بالعقل والبرهان
ورسالة المبعوث مشروطة بها*** كصفاته بالعام والايمان
فاذا انتفت تلك الحياة فكل مشـ***ـروط بها عدم لذي الأذهان


فصل
في الكلام في حياة الأنبياء في قبورهم

ولأجل هذا رام ناصر قولكم*** ترقيعه يا كثرة الخلقان
قال الرسول بقبره حيّ كما*** قد كان فوق الأرض والرجمان
من فوقه أطياق ذاك الترب واللبنـ***ـات قد عرضت على الجدران
أو كان حيا في الضريح حياته*** قبل الممات بغير ما فرقان
ما كان تحت الأرض بل من فوقها*** والله هذي سنة الرحمن
أتراه تحت الأرض حيا ثم لا*** يفتيهم بشرائع الايمان
ويريح أمته من الآراء*** والخلف العظيم وسائر البهتان
أم كان حيا عاجزا عن نطقه*** وعن الجواب لسائل لهفان
وعن الحراك فما الحياة اللات قد*** أثبتموها أوضحها ببيان


هذا ولم لا جاءه أصحابه*** يشكون بأس الفاجر الفتان
اذ كان ذلك دأبهم ونبيهم*** حيّ يشاهدهم شهود عيان
هل جاءكم أثر بأن صحابه*** سألوه فتيا وهو في الأكفان
فأجابهم بجواب حي ناطق*** فأتوا اذاﹰ بالحق والبرهان
هلا أجابهم جوابا شافيا*** ان كان حيا ناطقا بلسان
هذا وما شدت ركائبه عـ***ـن الحجرات للقاصي من البلدان
مع شدة الحرص العظيم له على*** ارشادهم بطرائق التبيان
أتراه يشهد رأيهم وخلافهم***ويكون للتبيان ذا كتمان
ان قلتم سبق البيان صدقتم*** قد كان بالتكرار ذا احسان


هذا وكم من أمر أشكل بعده*** أعنى على علماء كل زمان
أو ما ترى الفاروق ود بأنه*** قد كان منه العهد ذا تبيان
بالجد في ميراثه وكلالة*** وببعض أبواب الربا الفتان
قد قصّر الفاروق عند فريقكم*** اذ لم يسله وهو في الأكفان
أتراهم ياتون حول ضريحه*** لسؤال امهم أعز حصان
ونبيهم حي يشاهدهم ويسـ***ـمعهم ولا يأتي لهم ببيان
أفكان يعجز أن يجيب بقوله*** أن كان حيا داخل البنيان
يا قومنا استحيوا من العقلاء والمبعـ***ـوث بالقرآن والرحمن
والله لا قدر الرسول عرفتم*** كلا ولا للنفس والانسان
من كان هذا القدر مبلغ علمه*** فليستتر بالصمت والكتمان


ولقد أبان الله أن رسوله*** ميت كما قد جاء في القرآن
أفجاء أن الله باعثه لنا*** في القبر قبل قيامة الأبدان
أثلاث موتات تكون لرسله*** ولغيرهم من خلقه موتان
اذ عند نفخ الصور لا يبقى امرؤ*** في الأرض حيا قط بالبرهان
أفهل يموت الرسل أم يبقوا اذا*** مات الورى أم هل لكم قولان
فتكلموا بالعلم لا الدعوى وجيبـ***ـوا بالدليل فنحن ذو أذهان
أو لم يقل من قبلكم للرافعي الأ***صوات حول القبر بالنكران
لا ترفعوا الأصوات حرمة عبده*** ميتا  كحرمته لدى الحيوان
قد كان يمكنهم يقولوا أنه*** حي فغضوا الصوت بالاحسان
لكنهم بالله أعلم منكم*** ورسوله وحقائق الايمان
ولقد أتوا الى العباس يستـ***ـقون من قحط وجدب زمان
هذا وبينهم وبين نبيهم*** عرض الجدار وحجرة النسوان
فنبيهم حي ويستسقون غـ***ـير نبيهم حاشا أولى الايمان


فصل
فيما احتجوا به على حياة الرسل في القبور

فان احتججتم بالشهيد بأنه*** حيّ كما قد جاء في القرآن
والرسل أكمل حالة منه بلا***شك وهذا ظاهر التبيان
فلذاك كانوا بالحياة أحق من*** شهدائنا بالعقل والبرهان
وبأن عقد نكاحه لم ينفسخ** فنساؤه في عصمة وصيان
ولأجل هذا لم يحل لغيره*** منهن واحدة مدى الأزمان
أفليس في هذا دليل أنه*** حيّ لمن كانت له أذنان
أو لم ير المختار موسى قائما*** في قبره لصلاة ذي القربان
أفميت يأتي الصلاة وان ذا*** عين المحال وواضح البطلان
أو لم يقل أني أرد على الذي*** يأتي بتسليم مع الاحسان
أيرد ميت السلام على الذي*** يأتي به هذا من البهتان
هذا وقد جاء الحديث بأنهم*** أحياء في الأجداث ذا تبيان
وبأن أعمال العباد عليه تعـ***ـرض دائما في جمعة يومان
يوم الخميس ويوم الاثنين الذي*** قد خص بالفضل العظيم الشأن


فصل
في الجواب عما احتجوا به في هذه المسألة

فيقال اصل دليلكم في ذاك حجتنا عليكم وهي ذات تبيان
ان الشهيد حياته منصوصة***لا بالقياس القائم الأركان
هذا مع النهي المؤكد أننا*** ندعوه ميتا ذاك في القرآن
ونساؤه حل لنا من بعده*** والمال مقسوم على السهمان
هذا وأن الأرض تأكل لحمه*** وسباعها مع أمة الديدان
لكنه مع ذلك حيّ فارح*** مستبشر بكرامة الرحمن
فالرسل أولى بالحياة لديه مع*** موت الجسوم وهذه الأبدان
وهي الطرية في التراب وأكلها*** فهو الحرام عليه بالبرهان
ولبعض أتباع الرسول يكون ذا*** أيضا وقد وجدوه رأي عيان
فانظر الى قلب الدليل عليهم*** حرفا بحرف ظاهر التبيان


لكن رسول الله خص نساؤه*** بخصيصة عن سائر النسوان
خيرن بين رسوله وسواه فا***خترن الرسول لصحة الايمان
شكر الاله لهن ذلك وربنا*** سبحانه للعبد ذو شكران
قصر الرسول على أولئك رحمة*** منه بهن وشكر ذي الاحسان
وكذاك أيضا قصرهن عليه معـ***ـلوم بلا شك ولا حسبان
زوجاته في هذه الدنيا وفي الأخـ***ـرى يقينا واضح البرهان
فلذا حرمن على سواه بعده*** إذ ذاك صون عن فراش ثان
لكن أتين بعدة شرعية*** فيها الحداد وملزم الأوطان


هذا ورؤيته الكليم مصليا*** في قبره اثر عظيم الشان
في القلب منه حسيكة هل قاله*** فالحق ما قد قال ذو البرهان
ولذاك أعرض في الصحيح محمد*** عنه على عمد بلا نسيان
والدارقطني الامام أعله*** برواية معلومة التبيان
أنس يقول رأي الكليم مصليا*** في قبره فأعجب لذا الفرقان
فرواه موقوفا عليه وليس بالمـ***رفوع أشواقا الى العرفان
بين السياق الى السياق تفاوت*** لا تطرحه فما هما سيان
لكن تقلد مسلما وسواه ممـ***ـ، صحّ هذا عنده ببيان
فرواته الاثبات أعلام الهدى*** حفاظ  هذا الدين في الأزمان
لكن هذا ليس مختصا به*** والله ذو فضل وذو احسان
فروى ابن حبان الصدوق وغيره*** خبرا صحيحا عنده ذا شان
فيه صلاة العصر في قبر الذي*** قد مات وهو محقق الايمان
فتمثل الشمس الذي قد كان ير***عاها لأجل صلاة ذي القربان
عند الغروب يخاف فوت صلاته*** فيقول للملكين هل تدعاني
حتى أصلي العصر قبل فواتها*** قالا ستفعل ذاك بعد الآن
هذا مع الموت المحقق لا الذي*** حكيت لنا بثبوته القولان
هذا وثابت البناني قد دعـ***ـا الرحمن دعوة صادق الايقان
أن لا يزال مصليا في قبره*** ان كان أعطي ذاك من انسان


لكن رؤيته لموسى ليلة المعـ***ـراج فوق جميع ذي الأكوان
يرويه أصحاب الصحاح جميعهم*** والقطع موجبة بلا نكران
ولذاك ظن معارضا لصلاته*** في قبره اذ ليس يجتمعان
وأجيب عنه بأنه أسرى به*** ليراه ثم مشاهدا بعيان
فرآه ثم وفي الضريح وليس ذا*** بتناقض إذ أمكن الوقتان
هذا ورد نبينا التسليم من*** يأتي بتسليم مع الاحسان
ما ذاك مختصا به أيضا كما*** قد قاله المبعوث بالقرآن
من زار قبر أخ له فأتى بتسـ***ـليم عليه وهو ذو ايمان
رد الاله عليه حقا روحه*** حتى يرد عليه رد بيان
وحديث ذكر حياتهم بقبورهم*** لما يصح وظاهر النكران
فانظر الى الاسناد تعرف حاله*** ان كنت ذا علم بهذا الشأن


هذا ونحن نقول هم أحياء لـ***ـكن عندنا كحياة ذي الأبدان
والترب تحتهم وفوق رؤوسهم*** وعن الشمائل ثم عن أيمان
مثل الذي قد قلتوه معاذنا*** بالله من أفك ومن بهتان
بل عند ربهم تعالى مثل ما*** قد قال في الشهداء في القرآن
لكن حياتهم أجل وحالهم*** أعلى وأكمل عند ذي الاحسان
هذا وأما عرض أعمال العبا***د عليه فهو الحق ذو امكان
وأتى به أثر فإن صح الحـ***ـديث به فحق ليس ذا نكران
لكن هذا ايس مختصا به*** أيضا بآثار روين حسان
فعلى أبي الانسان يعرض سعيه*** وعلى أقاربه مع الأخوان
ان كان سعيا صالحا فرحوا به*** واستبشروا يا لذة الفرحان
أو كان سعيا سيئا حزنوا وقا***لوا رب راجعه الى الاحسان
ولذا استعاذ من الصحابة من روى*** هذا الحديث عقيبه بلسان
يا رب إني عائذ من خزية*** أخزي بها عند القريب الداني
ذاك الشهيد المرتضى ابن روا***حة المحبوّ بالغفران والرضوان
لكن هذا ذو اختصاص والذي*** للمصطفى ما يعمل الثقلان


هذي نهايات لأقدام الورى*** في ذا المقام الضنك صعب الشان
والحق فيه ليس تحمله عقو***ل بني الزمان لغلظة الأذهان
ولجهلهم بالروح مع أحكامها*** وصفاتها للألف بالأبدان
فارض الذي رضي الاله لهم به*** أتريد تنقض حكمة الديان
هل في عقولهم بأن الروح في*** أعلى الرفيق مقيمة بجنان
وترد أوقات السلام عليه من*** أتباعه في سائر الأزمان
وكذاك إن زرت القبور مسلما*** ردت لهم أرواحهم للآن
فهم يردون السلام عليك لـ*** ـكن لست تسمعه بذي الأذنان
هذا وأجواف الطيور الخضر*** مسكنها لدى الجنات والرضوان
من ليس يحمل عقله هذا فلا*** تظلمه واعذره على النكران
للروح شأن غير ذي الأجسام لا*** تهمله شأن الروح أعجب شان
وهو الذي حار الورى فيه فلم*** يعرفه غير الفرد في الأزمان
هذا وأمر فوق ذا لو قلته*** بادرت بالانكار والعدوان
فلذاك أمسكت العنان ولو أرى*** ذاك الرفيق جريت في الميدان
هذا وقولي أنها مخلوقة*** وحدوثها المعلوم بالبرهان
هذا وقولي أنها ليست كما*** قد قال أهل الافك والبهتان
لا داخل فينا ولا هي خارج*** عنا كما قالوه في الديان
والله لا الرحمن أثبتم ولا*** أرواحكم يا مدعي العرفان
عطلتم الأبدان من أرواحها*** والعرش عطلتم من الرحمن


فصل
في كسر المنجنيق الذي نصبه أهل التعطيل
على معاقل الايمان وحصونه جيلا بعد جيل

لا يفزعنك قعاقع وفراقع*** وجعاجع عريت عن البرهان
ما عندكم شيء يهولك غير ذا***ك المنجنيق مقطع الأفخاذ والأركان
وهو الذي يدعونه التركيب منـ***ـصوبا على الاثبات منذ زمان
أرأيت هذا المنجنيق فإنهم*** نصبوه تحت معاقل الايمان
بلغت حجارته الحصون فهدت الـ***ـشرفات واستولت على الجدران
لله كم حصن عليه استولت الـ***ـكفار من ذا المنجنيق الجاني
والله ما نصبوه حتى عبروا*** قصدا على الحصن العظيم الشأن
ومن البليّة أن قوما بين أهـ***ـل الحصن واطوهم على العدوان
ورموا به معهم وكان مصاب أهـ***ـل الحصن منهم فوق ذي الكفران
فتركبت من كفرهم ووفاق من*** في الحصن أنواع من الطغيان
وجرت على الاسلام أعظم محنة*** من ذين تقديرا من الرحمن
والله لولا أن تدارك دينه*** الرحمن كان كسائر الأديان
لكن أقام له الاله بفضله*** يزكا من الأنصار والأعوان
فرموا على ذا المنجنيق صواعقا*** وحجارة هدته للأركان


فاسألهم ماذا الذي يعنون*** بالتركيب فالتركيب ست معان
إحدى معانيه هو التركيب من*** متباين كتركيب الحيوان
من هذه الأعضا كذا أعضاؤه*** قد ركبت من أربع الأركان
أفلازم ذا للصفات لربنا*** وعلوه من فوق كل مكان
ولعل جاهلكم يقول مباهتا*** ذا لازم الاثبات بالبرهان
فالبهت عندكم رخيص سعره*** حثوا بلا كيل ولا ميزان
هذا وثانيها فتركيب الجوا***ر وذاك بين اثنين يفترقان
كالجسر والباب الذي تركيبه*** بجواره لمحلة من بان
والأول المدعو تركيب امتزا***ج واختلاط وهو ذو تبيان
أفلازم ذا من ثبوت صفاته*** أيضا تعالى الله ذو السلطان


والثالث التركيب من متماثل*** يدعي الجواهر فردة الأكوان
والرابع الجسم المركب من هيو***لاه  وصورته لذي اليونان
والجسم فهو مركب من ذين عنـ***ـد الفيلسوف وذاك ذو بطلان
ومن الجواهر عند أرباب الكلا***م وذاك أيضا واضح البطلان
فالمثبتون الجوهر الفرد الذي*** زعموه أصل الدين والايمان
قالوا بأن الجسم منه مركب*** ولهم خلاف وهو ذو ألوان
هل يمكن التركيب من جزئين أو*** من أربع أو ستة وثمان
أو ست عشرة قد حكاه الأشـ***ـعري لذي مقالات على التبيان
أفلازم  ذا من ثبوت صفاته*** وعلوه سبحان ذي السبحان


والحق أن الجسم ليس مركبا*** من ذا ولا هذا هما عدمان
والجوهر الفرد الذي قد أثبتو***ه في الحقيقة ليس ذا إمكان
لو كان ذلك ثابتا لزم المحا***ل لواضح البطلان والبهتان
من أوجه شتى ويعسر نظمها*** جدا لأجل صعوبة الأوزان
أتكون خردلة تساوي الطود في الأ***جزاء في شيء من الأذهان
إذ كان كل منهما أجزاؤه*** لا تنتهي بالعد والحسبان
وإذا وضعت كل الجوهرين وثالثا*** في الوسط وهو الحاجز الوسطاني
فلأجله افترقا فلا يلتقيا*** حتى يزول إذاﹰ فيلتقيان
ما مسه إحداهما منه هو الممـ***سوس للثاني بلا فرقان
هذا محال أو تقول بغيره*** فهو انقسام واضح التبيان


والخامس التركيب من ذات من الـ***أوصاف هذا باصطلاح ذان
سموه تركيبا وذلك وضعهم*** ما ذاك في عرف ولا قرآن
لسنا نقر بلفظة موضوعة*** في الاصطلاح لشيعة اليونان
أو من تلقى عنهم من فرقة*** جهمية ليست بذي عرفان
من وصفه سبحانه بصفاته العليـ***ـا ويترك مقتضى القرآن
والعقل والفطرة أيضا كلها*** قبل الفساد ومقتضى البرهان
سموه ما شئتم فليس الشأن في الأسـ***ـماء بالألقاب ذات الشان
هل من دليل يقتضي ابطال ذا التركـ***ـيب من عقل ومن فرقان
والله لو نشرت شيوخكم لما*** قدروا عليه لو أتى الثقلان


والسادس التركيب من ماهية*** ووجودها ما ها هنا شيئان
الا اذا اختلف اعتبارهما فذا*** في الذهن والثاني ففي الأعيان
فهناك يعقل كون ذا غير لذا*** فعلى اعتبارهما هما غيران
أما اذا اتحدا اعتبار كل نفس وجـ***ـودها هو ذاتها لا ثان
من قال شيء غير ذا كان الذي*** قد قاله ضرب من الفعلان


هذا وكم خبط هنا قد زال بالتفصـ***ـيل وهو الأصل في العرفان
وابن الخطيب وحزبه من بعده*** لم يهتدوا لمواقع الفرقان
بل خبطوا نقلا وبحثا اوجبا*** شكا لكل ملدد حيران
هل ذات رب العالمين وجوده*** أم غيره فهما اذا شيئان
فيكون تركيبا محالا ذاك أن*** قلنا به فيصير ذا امكان
وإذا نفينا ذاك صار وجوده*** كالمطلق الموجود في الأذهان
وحكوا أقاويلا ثلاثا زينـ***ـك القولين اطلاقا بلا فرقان
الثالث التفريق بين الواجب الأ***على وبين وجود ذي الامكان
وسطوا عليها كلها بالنقض والا*** بطال والتشكيك للانسان
حتى أتى من أرض آمد آخرا*** ثور كبير بل حقير الشان
قال الصواب الوقف في ذا كله*** والشك فيه ظاهر التبيان
هذا قصارى بحثه وعلومه*** أن شك في الله العظيم الشان

فصل
في أحكام بيان هذه التراكيب الستة

فلأولان حقيقة التركيب لا***تعدوها في اللفظ والأذهان
وكذلك الأعيان أيضا انما التركـ***ـيب فيها ذلك النوعان
والأوسطان هما اللذان تنازعا العقـ***ـلاء في تركيب ذي الجثمان
ولهم أقاويل ثلاث قد حكينـ***ـاها وبينا أتم بيان
والآخران هما اللذان عليهما*** درات رحى الحرب التي تريان
أنتم جعلتم وصفه سبحانه*** بعلوه من فوق ذي الأكوان
وصفاته العليا التي ثبتت له*** بالعقل والمنقول ذي البرهان
من جملة التركيب ثم نفيتم*** مضمونها من غير ما برهان
فجعلتم المرقاة للتعطيل هـ***ـذا الاصطلاح وذا من العدوان


ولكن اذا قيل اصطلاح حادث*** لا حجر في هذا على انسان
فتقول نفيكم بهذا الاصطلا***ح صفاته هو أبطل البطلان
وكذاك نفيكم  به لعلوه*** فوق السماء وفوق كل مكان
وكذاك نفيكم به لكلامه*** بالوحي كالتوراة والقرآن
وكذاك نفيكم لرؤيتنا له*** يوم المعاد كما يرى القمران
وكذاك نفيكم لسائر ما أتى*** في النقل من وصف بغيرمعان
كالوجه واليد والأصابع والذي*** أبدا يسوءكم بلا كتمان
وبودكم لو لم يقله ربنا*** ورسوله المبعوث بالبرهان
وبودكم الله لما قالها*** أن ليس يدخل مسمع الانسان


قام الدليل على استنادكم الكـ***ـون أجمعه الى خلاقه الرحمن
ما قام قط على انتفاء صفاته*** وعلوه من فوق ذي الأكوان
هو واحد في وصفه وعلوه*** ما للورى رب سواه ثان
فلأي معنى تجحدون علوه*** وصفاته بالفشر والهذيان
هذا وما المحذور الا أن يقال*** مع الاله لنا اله ثان
أو أن يعطل عن صفات كماله*** هذا محذوران محظوران
أما اذا ما قيل رب واحد*** أوصافه أربت على الحسبان
وهو القديم فلم يزل يصفاته*** متوحدا بل دائم الاحسان
فبأي برهان نفيتم ذا وقلـ***ـتم ليس هذا قط في الامكان


فلئن زعمتم أنه نقص فذا***بهت فما في ذاك من نقصان
النقص في أمرين سلب كماله*** أو شركة بالواحد الرحمن
أتكون أوصاف الكمال نقيصة*** في أي عقل ذاك أم قرآن
أن الكمال بكثرة الأوصاف لا*** في سلبها ذا واضح البرهان
ما النقص غير السلب حسب وكل نقص أصله سلب وهذا واضح التبيان
فالجهل سلب العلم وهو نقيصه*** والظلم سلب العدل والاحسان
منتقص الرحمن سالب وصفه*** والحمد والتمجيد كل أوان
ولذاك أعلم خلقه أدراهم*** بصفاته من جاء بالقرآن
وله صفات ليس يحصيها سوا***ه من ملائكة ولا انسان
ولذاك يثني في القيامة ساجدا*** لما يراه المصطفى بعيان
بثناء حمد لم يكن في هذه الدنيـ***ـا ليحيصيه مدى الأزمان
وثناؤه بصفاته لا بالسلو***ب كما يقول العادم العرفان


والعقل دل على انتهاء الكون أجمعه الى رب عظيم الشان
وثبوت أوصاف الكمال لذاته*** لا يقتضي إبطال ذا البرهان
والكون يشهد أن خالقه تعا***لى ذو الكمال ودائم السلطان
وكذاك يشهد أنه سبحانه*** فوق الوجود وفوق كل مكان
وكذلك يشهد أنه سبحانه المـ***ـعبود لا شيء من الأكوان
وكذاك يشهد أنه سبحانه*** ذو حكمة في غاية الاتقان
وكذاك يشهد أنه سبحانه*** ذو قدرة حي عليم دائم الاحسان
وكذاك يشهد أنه الفعال حـ***ـقا كل يوم ربنا في شان
وكذاك يشهد أنه المختار في *** أفعاله حقا بلا نكران
وكذاك يشهد القيوم قا*** م بنفسه ومقيم ذي الأكوان
وكذاك يشهد أنه ذو رحمة*** وإرادة ومحبة  وحنان
وكذاك يشهد أنه سبحانه*** متكلم بالوحي والقرآن
وكذاك يشهد أنه سبحانه الـ***ـخلاق باعث هذه الأبدان
لا تجعلوه شاهدا بالزور والتـ***ـعطيل تلك شهادة البطلان


وإذا تأملت الوجود رأيته*** ان لم تكن من زمرة العميان
بشهادة الاثبات حقا قائما*** لله لا بشهادة النكران
وكذاك رسل الله شاهدة به*** أيضا فسل عنهم عليم زمان
وكذاك كتب الله شاهدة به*** أيضا فهذا محكم القرآن
وكذلك الفطر التي ما غيرت*** عن أصل خلقتها بامر ذان
وكذا العقول المستنيرات التي*** فيها مصابيح الهدى الرباني
أترون أنا تاركو ذا كله*** لشهادة الجهمي واليوناني
هذي الشهود فان طلبتم شاهدا*** من غيرها سيقوم بعد زمان
إذ ينجلي هذا الغبار فيظهر الـ***ـحق المبين مشاهدا بعيان
فإذا نفيتم وقلت أنه*** ملزوم تركيب فمن يلحاني
ان قلت لا عقل ولا سمع لكم*** وصرخت فيما بينكم بأذان
هل يجعل الملزوم عين اللزم الـ***ـمنفى هذا بيّن البطلان
فالشيء ليس لنفسه ينفى لدى*** عقل سليم يا ذوي العرفان


قلتم نفينا وصفه وعلوه*** من خشية التركيب والامكان
لو كان موصوفا لكان مركبا*** فالوصف والتركيب متحدان
أو كان فوق العرش كان مركبا*** فالفوق والتركيب متفقان
فنفيتم التركيب بالتركيب مع*** تغيير احدى اللفظين بثان
بل صورة البرهان أصبح شكلها*** شكلا عقيما ليس ذا برهان
لو كان موصوفا لكان كذاك مو***صوفا وهذا حاصل البرهان
فإذا جعلتم لفظة الترطيب بالـ***ـمعنى الصحيح أمارة البطلان
جئنا الى المعنى فخلصناه منـ***ـها وأطّرحناها أطراح مهان
هي لفظة مقبوحة بدعية*** مذمومة منا بكل لسان
واللفظ بالتوخيد نجعله مكا***ن اللفظ بالتكريب في التبيان
واللفظ بالتوحيد أولى بالصفا***ت وبالعلو لمن له أذنان
هذا هو التوحيد عند الرسل لا*** أصحاب جهم شيعة الكفران


فصل
في أقسام التوحيد
والفرق بين توحيد المرسلين وتوحيد النفاة المعطلين

فاسمع اذا أنواعه هي خمسة*** قد حصلت أقسامها ببيان
توحيد أتباع ابن سينا وهو منـ***ـسوب لأرسطو من اليونان
ما للاله لديهم ماهية*** غير  الوجود المطلق الوجدان
مسلوب أوصاف الكمال جميعها*** لكون وجود حسب ليس بفان
ما أن له ذات سوى نفس الوجو***د المطلق المسلوب كل معان
فلذاك لا سمع ولا بصر ولا***علم ولا قول من الرحمن
ولذاك قالوا ليس ثم مشيئة*** وإرادة لوجود ذي الأكوان
بل تلك لازمة له بالذات لم*** تنفك عنه قط في الأزمان
ما اختار شيئا قط يفعله ولا*** هذا له أبدا بذي امكان
وبنوا على هذا استحالة خر***ق ذي الأفلام يوم قيامة الأبدان
ولذاك قالوا ليس يعلم قط شيـ***ـئا ما من الموجود في الأعيان
لا يعلم الأفلاك كم أعدادها*** وكذا النجوم وذانك القمران
بل ليس يسمع صوت كل مصوت***كلا وليس يراه رأي عيان
بل ليس يعلم حالة الانسان تفـ***ـصيلا من الطاعات والعصيان
كلا ولا علم له يتساقط الـ***أوراق أو بمنابت الأغصان
علما على التفصيل عندهم*** عين المحال ولازم الامكان


بل نفس آدم عندهم عين المحا***ل ولم يكن في سالف الأزمان
ما زال نوع الناس موجودا ولا*** يفنى كذاك الدهر والملوان
هذا هو التوحيد عند فريقهم*** مثل ابن سينا والنصير الثاني
قالوا والجأنا الى ذا خشية التـ***ـركيب والتجسيم ذي البطلان
ولذاك قلنا ما له سمع ولا*** بصر ولا علم فكيف يدان
وكذاك قلنا ليس فوق العرش*** الا المستحيل وليس ذا امكان
جسم على جسم كلا الجسمين*** محدود يكون كلاهما صنوان
فبذاك حقا صرحوا في كتبهم*** وهم الفحول أئمة الكفران
ليسوا مخانيث الوجود فلا إل***ى الكفران ينحازوا ولا الايمان
والشرك عندهم ثبوت الذات والأ***وصاف إذ يبقى هناك اثنان
غير الوجود فصار ثم ثلاثة*** فلذا نفينا اثنين بالبرهان
نفى الوجود فلا يضاف اليه شيء*** غيره فيصير ذا إمكان


فصل
في النوع الثاني من أنواع التوحيد لأهل الالحاد

هذا وثاتيها فتوحيد ابن سبـ***تعين وشيعته أولي البهتان
كل اتحادي خبيث عنده*** معبوده موطوؤه الحقاني
توحيدهم أن الاله هو الوجو***د المطلق المبثوث في الأعيان
هو عينها لا غيرها ما ها هنا*** رب وعبد كيف يفترقان
لكن وهم العبد ثم خياله*** في ذي المظاهر دائما يلجان
فلذاك حكمهما عليه نافذ*** فابن الطبيعة ظاهر النقصان
فإذا تجرّد علمه عن عقله أيضا فإن الـ***ـعقل لا يدنيه من ذا الشان
بل يخرق الحجب الكثيفة كلها*** وهما وحسا ثم عقل وإن
فالوهم منه وحسه وخياله*** والعلم والمعقول في الأذهان
حجب على ذا الشأن فاخرقها وإلـ***ـا كنت محجوبا عن العرفان
هذا وأكثفها حجاج الحس والـ***ـمعقول ذانك صاحب الفرقان
فهناك صرت موحدا حقا ترى*** هذا الوجود حقيقة الديان
والشرك عندهم فتنويع الوجو***د وقولنا ان الجود اثنان
واحتج يوما بالكتاب عليهم*** شخص فقالوا الشرك في القرآن
لكنما التوحيد عند القائلين*** بالاتحاد فهم أولو العرفان
رب وعبد كيف ذاك وإنما الـ***ـموجود فرد ماله من ثان


فصل
في النوع الثالث من التوحيد لأهل الالحاد

هذا وثالثها هو التوحيد عنـ***ـد الجهم وتعطيل بلا ايمان
نفي الصفات مع العلو كذاك نفـ***ـس كلامه بالوحي والقرآن
فالعرش ليس عليه شيء بتة*** لكنه خلو من الرحمن
ما فرقة رب يطاع ولا عليـ***ـه للورى من خالق رحمن
بل حظ عرش الرب عند فريقهم*** منه كحظ الأسفل التحتاني
فهو المعطل عن نعوت كماله*** وعن الكلام وعن جميع معان
وانظر الى ما قد حكينا عنه في*** مبدأ القصيد حكاية التبيان
هذا هو التوحيد عند فريقهم*** تلك الفحول مقدمي البهتان
والشرك عندهم فإثبات الصفا***ت لربنا ونهاية الكفران
إن كان شرك ذا وكل الرسل قد*** جاؤوا به يا خيبة الانسان


فصل
في النوع الرابع من أنواعه

هذا ورابعها فتوحيد لدى*** جبريهم هو غاية العرفان
العبد ميت ما له فعل ولكن ما*** ترى هو فعل ذي السلطان
والله فاعل فعلنا من طاعة*** ومن الفسوق وسائر العصيان
هي فعل رب العالمين حقيقة*** ليست بفعل قط للانسان
فالعبد ميت وهو مجبور على** افعاله كالميت في الأكفان
وهو الملوم على فعال الهه*** فيه وداخل جاحم النيران
يا ويحه المسكين مظلوم يرى*** في صورة العبد الظلوم الجاني
لكن نقول بأنه هو ظالم*** في نفسه أدبا مع الرحمن
هذا هو التوحيد عند فريقهم*** من كل جبري خبيث جنان
الكل عند غلاتهم طاعات***ما ثم في التحقيق من عصيان
والشرك عندهم في اعتقادك فاعلا*** غير الاله المالك الديان
فانظر الى التوحيد عند القوم ما*** فيه من الاشراك والكفران
ما عندهم والله شيء غيره*** هاتيك كتبهم بكل مكان
أترى أبا جهل وشيعته رأوا*** من خالق ثان لذي الأكوان
أم كلهم جمعا أقروا أنه*** هو وحده الخلاق ليس اثنان
الا المجوس فإنهم قالوا*** بأن الشر خالقه اله ثان


فصل
في بيان توحيد الأنبياء والمرسلين
ومخالفته لتوحيد الملاحدة والمعطلين

فاسمع اذاﹰ توحيد رسل الله ثم اجـ***ـعله داخل كفة الميزان
مع هذه الأنواع وانظر أيها*** أولى لدى الميزان بالرجحان
توحيدهم نوعان قولي وفعـ***ـلي كلا نوعيه ذو برهان
فالأول القولي ذو نوعين أيـ***ـضا في كتاب الله موجودان
إحداهما سلب وذا نوعان أيـ***ـضا فيه حقا فيه مذكوران
سلب النقائص والعيون جميعها*** عنه هما نوعان معقولان


سلب لمتصل ومنفصل هما*** نوعان معروفان أما الثاني 
وكذاك سلب الزوج والولد الذي*** نسبوا اليه عابدو الصلبان
سلب الشريك مع الظهير مع الشـ***ـفيع بدون اذن الخالق الديان 
وكذاك نفى الكفو أيضا والولي*** لنا سوى الرحمن ذي الغفران


والأول التنزيه للرحمن عن*** وصف العيوب وكل ذي نقصان
كالموت والاعياء والتعب الذي*** ينفى اقتدار الخالق الديان
والنوم والسنة التي هي أصله*** وعزوب شيء عنه في الأكوان


وكذلك العبث الذي تنفيه حكمتـ***ـه وحمد الله ذي الاتقان
وكذاك ترك الخلق اهمالا سدى*** لا يبعثون الى معاد ثان
كلا ولا أمر ولا نهي*** عليهم من اله قادر ديان


وكذاك ظلم عباده وهو الغني*** فما له والظلم للانسان
وكذاك غفلته تعالى وهو علا***م الغيوب فظاهر البطلان
وكذاك النسيان جل الهنا*** لا يعتريه قط من نسيان 
وكذاك حاجته الى طعم ورز***ق وهو رازق بلا حسبان


هذا وثاني نوعي السلب الذي*** هو أول الأنواع في الأوزان
تنزيه أوصاف الكمال له عن التشـ***ـبيه والتمثيل والنكران
لسنا نشبه وصفه بصفاتنا*** ان المشبه عابد الأوثان
كلا ولا نخليه من أوصافه*** ان المعطل عابد البهتان
من مثل الله العظيم بخلقه*** فهو النسيب لمشرك نصراني
أو عطل الرحمن من أوصافه*** فهو الكفور وليس ذا ايمان


فصل
في النوع الثاني من النوع الأول وهو الثبوت

هذا ومن توحيدهم اثبات أو*** صاف الكمال لربنا الرحمن


كعلوه سبحانه فوق السماوات*** العلى بل فوق كل مكان
فهو العلي بذاته سبحانه*** اذ يستحيل خلاف ذا ببيان
وهو الذي حقا على العرش استو***ى قد قام بالتدبير للأكوان


حي مريد قادر متكلم*** ذو رحمة وإرادة وحنان
هو أول هو آخر هو ظاهر*** هو باطن هي أربع بوزان
ما قبله شيء كذا وما بعده*** شيء تعالى الله ذو السلطان
ما فوقه شيء كذا ما دونه*** شيء وذا تفسير ذي البرهان
فانظر الى تفسيره بتدبر*** وتبصر وتعقل لمعان
وانظر الى ما فيه من انواع معـ***ـرفة لخالقنا العظيم الشان


وهو العلي فكل أنواع العلـ***ـلو له فثابته بلا نكران
وهو العظيم بكل معنى يوجب التـ***ـعظيم لا يحصيه من انسان


وهو الجليل فكل أوصاف الجلا***ل له محققة بلا بطلان
وهو الجميل على الحقيقة كيف لا*** وجمال سائر هذه الأكوان
من بعض آثار الجميل فربها*** أولى وأجدر عند ذي العرفان
فجماله بالذات والأوصاف والـ***أفعال والأسماء بالبرهان
لا شيء يشبه ذاته وصفاته*** سبحانه عن افك ذي بهتان


وهو السميع يسمع ويرى كل ما*** في الكون من سر ومن اعلان 
ولكل صوت منه سمع حاضر*** فالسر والاعلان مستويان
والسمع منه واسع والأصوات لا*** يخفى عليه بعيدها والداني
وهو البصير يرى دبيب النملة السـ***ـوداء تحت الصخرة الصوان
ويرى مجاري القوت في اعضائها*** ويرى نياط عروقها بعيان
ويرى خيانات العيون بلحظة*** ويرى كذاك تقلب الأجفان

وهو العليم أحاط علما بالذي*** في الكون من سر ومن اعلان
وبكل شيء علمه سبحانه*** فهو المحيط وليس ذا نسيان
وكذاك يعلم ما يكون غدا وما*** قد كان والموجود في ذا الآن
وكذاك أمر لم يكن لو***كان كيف يكون ذا امكان


فصل

وهو الحميد فكل حمد واقع*** أو كان مفروضا مدى الأزمان
ملأ الوجود جميعه ونظيره*** من غير ما عد ولا حسبان
هو أهله سبحانه وبحمده*** كل المحامد وصف ذي الاحسان


فصل

وهو المكلم عبده موسى بتكـ***ـليم الخطاب وقبله الأبوان
كلماته جلت عن الاحصاء والتعداد بل عن حصر ذي الحسبان
لو أن أشجار البلاد جميعها الـ***أقلام تكتبها بكل بنان
والبحر تلقى فيه سبعة أبحر*** لكتابة الكلمات كل زمان
نفدت ولم تنفد بها كلماته *** ليس الكلام من الاله بفان

وهو القدير وليس يعجزه إذا*** ما رام شيئا قط ذو سلطان
وهو القوي له القوى جمعا تعا***لى الله ذو الأكوان والسلطان
وهو الغني بذاته فغناه ذا*** تي له كالجود والاحسان
وهو العزيز فلن يرام جنابه*** أنى يرام جناب ذي السلطان
وهو العزيز القاهر الغلاب لم*** يغبه شيء هذه صفتان
وهو العزيز بقوة هي وصفه*** فالعز حينئذ ثلاث معان
وهي التي كملت له سبحانه*** من كل وجه عاد النقصان


وهو الحكيم وذاك من أوصافه*** نوعان أيضا ما  هما عدمان
حكم وأحكام فكل منهما*** نوعان أيضا ثابتا البرهان
والحكم شرعي وكوني ولا*** يتلازمان وما هما سيان
بل ذاك ذوجد ذون هذا مفردا*** والعكس أيضا ثم يجتمعان
لكن يخلو المربوب من إحداهما*** أو منهما بل ليس ينتفيان
لكنما الشرعي محبوب له*** أبدا ولن يخلو من الأكوان
هو أمره الديني الذي جاءت رسله*** بقيامه في سائر الأزمان
لكنما الكوني فهو قضاؤه*** في خلقه بالعدل والاحسان
هو كله حق وعدل ذو رضى*** والشأن في القضي كل الشان
فلذاك نرضى بالقضاء ونسخط الـ***ـمقضيّ ما الأمران متحدان
فقضاؤه صفة به قامت وما*** المقضي الا صنعة الرحمن
والكون محبوب ومبغوض له*** وكلاهما بمشيئة الرحمن
هذا البيان يزيل لبسا طالما*** هلكت عليه الناس كل زمان
ويحل ما قد عقدوا بأصولهم*** وبحوثهم فافهمه فهم بيان
من وافق الكوني وافق سخطه*** إن لم يوافق طاعة الديان
فلذاك لا يعدوه ذم أو فوا***ت الحمد مع أجر ومع رضوان
وموافق الديني لا يعدوه أجـ***ـر بل له عند الصواب اثنان


فصل

والحكمة العليا على نوعين أيـ***ـضا حصلا بقواطع البرهان
إحداهما في خلقه سبحانه*** نوعان أيضا ليس يفترقان
أحكام هذا الخلق ذا ايجاده*** في غاية الاحكام والاتقان
وصدوره من أجل غايات له*** وله عليها حمد كل لسان
والحكمة الأخرى فحكمة شرعه*** أيضا وفيها ذانك الوصفان
غاياتها اللائي حمدن وكونها*** في غاية الاتقان والاحسان


وهو الحي فليس يفضح عبده*** عند التجاهر منه بالعصيان
لكنه يلقى عليه ستره*** فهو الستير صاحب الغفران


وهو الحليم فلا يعجل عبده*** بعقوبة ليتوب من عصيان
وهو العفو فعفوه وسع الورى*** لولاه غار الأرض بالسكان


وهو الصبور على أذى أعدائه*** شتموه بل نسبوه للبهتان
قالوا له ولد وليس يعيدنا*** شتما وتكذيبا من الانسان
هذا وذاك بسمعه وبعلمه*** لو شاء عاجلهم بكل هوان
لكن يعافيهم ويرزقهم وهم*** يؤذونه بالشرك والكفران


وهو اللطيف بعبده ولعبده*** واللطف في أوصافه نوعان
إدرك أسرار الأمور بخبرة***واللطف عند مواقع الاحسان
فيريك عزته ويبدي لطفه*** والعبد في الغفلات عن ذا الشان


وهو الرفيق يحب أهل الرفق بل*** يعطيهم بالرفق فوق أمان


وهو القريب وقربه المختص بالد***اعي وعابد ه على الايمان


وهو المجيب يقول من يدعو أجبـ***ـه أنا المجيب لكل من ناداني
وهو المجيب لدعوة المضطر إذ*** يدعوه في سر وفي اعلان


وهو الجواد فجوده عم الوجو***د جميعه بالفضل والاحسان
وهو الجواد فلا يخيب سائلا*** ولو أنه من أمة الكفران


وهو المغيث لكل مخلوقاته*** وكذا يجيب اغاثة اللهفان


فصل

وهو الودود يحبهم ويحبه*** أحبابه والفضل للمنان
وهذا الذي جعل المحبة في قلو***بهم وجازاهم بحب ثان
هو هو الاحسان حقا لا معا***وضة ولا لتوقيع شكران
لكن يحب شكورهم وشكورهم*** لا لاحتياج منه للشكران
وهو الشكور فلن يضيع سعيهم*** لكن يضاعفه بلا حسبان


ما للعباد عليه حق واجب***هو أوجب الأجر العظيم الشأن
كلا ولا عمل لديه ضائع*** إن كان بالاخلاص والاحسان
ان عذبوا فبعدله أو نعموا*** فبفضله والحمد للمنان


فصل

وهو الغفور فلو أتى بقرابها*** من غير شرك بل من العصيان
لاقاه بالغفران ملء قرابها*** سبحانه هو واسع الغفران
وكذلك التواب من أوصافه*** والتواب في أوصافه نوعان
إذن بتوبة عبده وقبولها*** بعد المتاب بنعمة المنان


فصل

وهو الاله السيد الصمد الذي*** صمدت اليه الخلق بالاذعان
الكامل الأوصاف من كل الوجو*** ه كماله ما فيه من نقصان


وكذلك القهار من أوصافه*** فالخلق مقهورون بالسلطان
لو لم يكن حيا عزيزا قادرا*** ما كان من قهر ومن سلطان


وكذلك الجبار من أوصافه*** والجبر في أوصافه نوعان
جبر الضعيف وكل قلب قد غدا*** ذا كسرة فالجبر منه دان
والثاني جبر القهر بالعز الذي*** لا ينبغي لسواه من إنسان
وله مسمى ثالث وهو العـ***ـلو فليس يدنو من انسان
من قولهم جبارة للنخلة العليـ***ـا التي فاتت لكل بنان


وهو الحسيب حماية وكفاية*** والحسب كافي العبد كل أوان


وهو الرشيد فقوله وفعاله*** رشد وربك مرشد الحيران
وكلاهما حق فهذا وصفه*** والفعل للارشاد ذاك الثاني

والعدل من أوصافه في فعله*** ومقاله والحكم في الميزان
فعلى الصراط المستيق الهنا*** قولا وفعلا ذاك في القرآن


فصل

هذا ومن أوصافه القـ***ـدوس ذو التنزيه بالتعظيم للرحمن
وهو السلام على الحقيقة سالم*** من كل تمثيل ومن نقصان


والبر في أوصافه سبحانه*** هو كثرة الخيرات والاحسان
صدرت عن البر الذي هو وصفه*** فالبر حينئذ له نوعان
وصف وفعل فهو بر محسن*** مولى الجميل ودائم الاحسان
وكذلك الوهاب من أسمائه*** فانظر مواهبه مدى الأزمان
 أهل السموات العلى والآرض عن*** تلك المواهب ليس ينفكان


وكذلك الفتاح من أسمائه*** والفتح في أوصافه أمران
فتح بحكم وهو شرع الهنا*** والفتح بالأقدار فتح ثان
والرب فتاح بذين كليهما*** عدلا وإحسانا من الرحمن



وكذلك الرزاق من أسمائه*** والرزق من أفعاله نوعان
رزق على يد عبده ورسوله*** نوعان أيضا ذان معروفان
رزق القلوب العلم والايمان*** والرزق المعد لهذه الأبدان
هذا هو الرزق الحلال وربنا*** رزاقه والفضل للمنان
والثاني سوق القوت للأعضاء في*** تلك المجاري سوقه بوزان
هذا يكون من الحلال كما يكو***ن من الحرام كلاهما رزقان
والله رازقه بهذا الاعتبا***ر وليس بالاطلاق دون بيان


فصل

هذا ومن أوصافه القيوم والـ***قيوم في أوصافه امران
إحداهما القيوم قام بنفسه*** والكون قام به هما الأمران
فالأول استغناؤه عن غيره*** والفقر من كل اليه الثاني
والوصف بالقيوم ذو شأن كذا*** موصوفه أيضا عظيم الشان
والحي يتلوه فأوصاف الكما***ل هما لأفق سماؤها قطبان
فالحي والقيوم لن نتخلف ال***أوصاف أصلا عنها ببيان


هو قابض هو باسط هو خافض*** هو رافع بالعدل والاحسان
وهو المعز لأهل طاعته وذا*** عز حقيقي بلا بطلان
وهو المذل لمن يشاء بذله الدّا***رين ذل شقاء وذل هوان
هو مانع معط فهذا فضله*** والمنع عين العدل للمنان
يعطي برحمته ويمنع من يشا***ء بحكمة والله ذو سلطان


فصل

والنور من أسمائه أيضا ومن*** أوصافه سبحانه ذي البرهان
قال ابن مسعود كلاما قد حكا***ه الدرامي عنه بلانكران
ما عنده ليل يكون ولا نها***ر قلت تحت الفالك يوجد ذان
نور السموات العلى من نوره*** والأرض كيف كيف النجوم والقمران
من نور وجه الرب جل جلاله*** وكذا حكاه الحافظ الطبراني
فيه استنار العرش والكرسي مع*** سبع الطباق وسائر الأكوان
وكتابه نور كذك شرعه*** نور كذا المبعوث بالفرقان
وكذلك الايمان في قلب الفتى*** نور على نور مع القرآن
وحجابه نور فلو كشف الحجا***ب لأحرق السبحات للأكوان
وإذ أتى للفصل يشرق نوره*** في الأرض يوم قيامة الأبدان
وكذاك دار الرب جنات العلى*** نور تلألأ ليس ذا بطلان


والنور ذو نوعين مخلوق ووصـ***ـف ما هما والله متحدان
وكذلك المخلوق ذو نوعين محـ***ـسوس ومعقول هما شيئان
إحذر تزلّ رجليك هوة*** كم قد هوى فيها على الأزمان
من عابد بالجهل زلت رجله*** فهوى الى قعر الحضيض الداني
لاحت له أنوار آثار العبا***دة ظنها الأنوار للرحمن
فأتى بكل مصيبة وبلية*** ما شئت من شطح ومن هذيان
وكذا الحلولي الذي هو خدنه*** من ههنا حقا هما أخوان
ويقابل الرجلي ذو التعطيل والـ***ـحجب الكثيفو ما هما سيان
ذا في كثافة طبعه وظلامه*** وبظلمة التعطيل هذا الثاني
والنور محجوب فلا هذا ولا*** هذا له من ظلمة يريان

فصل

وهو المقدم والمؤخر ذانك الصـ***ـفتان للأفعال تابعتان
وهما صفات الذات أيضا إذ هما*** بالذات لا بالعير قائمتان
ولذاك قد غلط المقسم حين ظـ***ـن صفاته نوعان مختلفان
إن لم يرد هذا ولكن قد أرا***د قيامها بالفعل ذي الامكان
والفعل والمفعول شيء واحد*** عند المقسم ما هما شيئان
فلذاك وصف الفعل ليس لديه إلا***نسبة عدمية ببيان
فجميع أسماء الفعال لديه ليـ***ـست قط ثابتة ذوات معان
موجودة لكن أمور كلها*** نسب ترى عدمية الوجدان
هذا هو التعطيل للأفعال*** كالتعطيل للأوصاف بالميزان


فلحق أن الوصف ليس بمورد التقـ***ـسيم هذا مقتضى البرهان
بل مورد التقسيم ما قد قام*** بالذات التي للواحد الرحمن
فهما إذا نوعان أوصاف وأفعـ***ـال فهذي قشمة التبيان
فالوضف بالأفعال يستدعي قيا***م الفعل بالموصوف بالبرهان
كالوصف بالمعنى سوى الأفعال ما*** أن بين ذينك قط من فرقان


ومن العجائب أنهم ردوا على *** من أثبت الأسماء دون معان
قامت بمن هي وصفه هذا محا***ل غير معقول لذي الأذهان
وأتوا الى الأوصاف باسم العقل قا*** لوا لم تقم بالواحد الديان
فانظر اليهم أبطلوا الأصل الذي*** ردوا به أقوالهم بوزان
إن كان هذا ممكنا فكذاك قو***ل خصومكم أيضا فذو إمكان
والوصف بالتقديم والتأخير كو***ني وديني هما نوعان
وكلاهما أمر حقيقي ونسـ***ـبي ولا يخفى على الأذهان
والله قد ذاك أجمعه بإحـ***ـكام وإتقان من الرحمن


هذا ومن أسمائه ما ليس يفـ***ـرد بل يقال إذا أتى بقران
وهي التي تدعى بمزدوجاتها*** أفرادها خطر على الانسان
إذ ذاك موهم نوع نقص جل رب*** العرش عن غيب وعن نقصان
كالمانع المعطي وكالضار الذي*** هو نافع وكماله الأمران
ونظير هذا القابض المقرون با***سم الباسط اللفظان مقترنان
وكذا المعز مع الذل وخافض*** مع رافع لفظان مزدوجان
وحديث أفراد اسم منتقم فمو***قوف كما قد قال ذو العرفان
ما جاء في القرآن غير مقيد*** بالمجرمين وجا بذو نوعان


فصل

ودلالة الأسماء أنواع ثلا***ث كلها معلومة ببيان
دلت مطابقة كذاك تضمنا*** وكذا التزاما واضح البرهان
أما مطابقة الدلالة فهي أن*** الاسم يفهم منه مفهومان
ذات الاله وذلك الوصف الذي*** يشتق منه الاسم بالميزان
لكن دلالته على إحداهما*** يتضمن فافهمه فهم بيان
لكن دلالته على الصفة التي*** ما اشتق منها فالتزام دان
وإذا أردت لذا مثالا بينا*** فمثال ذلك لفظة الرحمن
ذات الاله ورحمة مدلولها*** فهما لهذا اللفظ مدلولان
احداهما بعض لذا الموضوع فـ***ـهي تضمن ذا واضح التبيان
لكن وصف الحي لازم ذلك المـ***ـعنى لزوم العلم للرحمن
فلذا دلالته عليه بالتزا***م بين الحق ذو تبيان


فصل
في بيان حقيقة الالحاد في أسماء
رب العالمين وذكر انقسام الملحدين

أسماؤه أوصاف مدح كلها*** مشتقة قد حملت لمعان
إياك والالحاد فيها أنه***كفر معاذ الله من كفران
وحقيقة الالحاد فيها الميـ***ـل بالاشراك والتعطيل والنكران
فالملحدون إذا ثلاث طوائف*** فعليهم غضب من الرحمن
المشركون لأنهم سموا بها*** أوثانهم قالوا اله ثان
هم شبهوا المخلوق بالخلاق عكـ***ـس مشبه الخلاق بالانسان


وكذلك أهل الاتحاد فإنهم*** أخوانهم من أقرب الاخوان
أعطوا الوجود جميعه أسماءه*** اذ كان عين الله ذي السلطان
والمشركون أقل شركا منهم*** خم خصصوا ذا الاسم بالأوثان
وذاك كانوا أهل شرك عندهم*** لو عمموا ما كان من كفران


والملحد الثاني فذو التعطيل إذ*** ينفي حقائقها بلا برهان
ما ثم غير الاسم أوله بما*** ينفي الحقيقة نفي ذي بطلان
فالقصد دفع النص عن معنى*** الحقيقة فاجتهد فيه بلفظ بيان
عطل وحرف ثم أول وانفها*** واقذف بتجسيم وبالكفران
للمثبتين حقائق الأسماء والأ***وصاف بالأخبار والقرآن
فإذا هم احتجوا عليك فقل لهم*** هذا مجاز وهو وضع ثان
فإذا غلبت على المجاز فقل لهم*** لا يستفاد حقيقة الايقان
أنى وتلك أدلة لفظية*** عزلت عن الايقان منذ زمان


فاذا تضافرت الأدلة كثرة*** وغلبت عن تقرير ذا تبيان
فعليك حينئذ بقانون وضـ***ـعناه لدفع أدلة القرآن
ولكل نص ليس يقبل أن يؤو***ل بالمجاز ولا بمعنى ثان
قل عارض المنقول معقولا وما الأ***مران عند العقل يتفقان
ما ثم الا واحد من أربع*** متقابلات كلها بوزان
أعمال ذين وعكسه أو تلغى المعقـ***ول ما هذا بذي أمكان
العقل أصل النقل وهو أبوه أن*** تبطله يبطل فرعه التحتاني 
فتعين الأعمال للمعقول والا***لغاء للمنقول بالبرهان
أعماله يفضي الى الغائه*** فاهجره هجر الترك والنسيان


والله لم نكذب عليهم أننا*** وهم لدى الرحمن مختصمان
وهناك يجزى الملحدون ومن نفى الا***لحاد يجزى ثم بالغفران
فاصبر قليلا انما هي ساعة*** يا مثبت الأوصاف للرحمن
فلسوف تجني أجرك صبرك حـ***ـين يجني الغير وزر الاثم والعدوان
فالله سائلنا وسائلهم عن الا***ثبات والتعطيل بعد زمان
فأعد حينئذ جوابا كافيا*** عند السؤال يكون ذا تبيان


هذا وثالثهم فنافيها ونا***فى ما تدل عليه بالبهتان
ذا جاحد الرحمن رأسا لم يقر*** بخالق أبدا ولا رحمن
هذا هو الالحاد فاحذره لعـ***ـل الله أن ينجيك من نيران
وتفوز بالزلفى لديه وجنة المـ***ـأوى مع الغفران والرضوان
لا توحشنك غربة بين الورى*** فالناس كالأموات في الحسبان
أو ما علمت بأن أهل السنة*** الغرباء حقا عند كل زمان
قل لي متى سلم الرسول وصحبه*** والتابعون لهم على الاحسان
من جاهل ومعاند ومنافق*** ومحارب بالبغي والطغيان
وتظن أنك وارث لهم وما*** ذقت الأذى في نصرة الرحمن
كلا ولا جاهدت حق جهاده*** في الله لا بيد ولا لسان
منّتك والله المحال النفس فاسـ***ـتحدث سوى ذا الرأي والحسبان
لو كنت وارثه لآذاك الألى*** ورثوا عداه بسائر الألوان  


فصل
في النوع الثاني من نوعي توحيد الأنبياء والمرسلين المخالف
لتوحيد المشركين والمعطلين

هذا وثاني نوعي التوحيد تو***حيد العبادة منك للرحمن
أن لا تكون لغيره عبدا ولا*** تعبد بغير شريعة الايمان
فتقوم بالاسلام والايمان والـ***إحسان في سرّ وفي إعلان
والصدق والاخلاص ركنا ذلك التـ***ـوحيد كالركنين للبنيان
وحقيقة الاخلاص توحيد المرا***د فلا يزاحمه مراد ثان
لكن مراد العبد يبقى واحدا*** ما فيه تفريق لدى الانسان
ان كان ربك واحدا سبحانه*** ما فيه تفريق لدى الانسان
ان كان ربك واحدا أنشاك لم*** يشركه اذ أنشاك رب ثان
فكذاك أيضا وحده فاعبد لا*** تعبد سواه يا أخا العرفان


والصدق توحيد الارادة وهو بذ***ل الجهد لا كسلا ولا متوان
والسنة المثلى لسالكها فتو***حيد الطريق الأعظم السلطاني
فلواحد كن واحدا في واحد*** أعني سبيل الحق والايمان
هذي ثلاث مسعدات للذي*** قد نالها والفضل للمنان
فاذا هي اجتمعت لنفس حرة*** بلغت من العلياء كل مكان


فصل

والشرك فاحذره فشرك ظاهر*** ذا القسم ليس بقابل الغفران
وهو اتخاذ الند للرحمـ***ـن أيا كان من حجر ومن انسان
يدعوه أو يرجوه ثم يخاف*** ويحبه كمحبة الديان
والله ما ساووهم بالله في*** خلق ولا رزق ولا احسان
فالله عندهم هو الخلاق والر***زاق مولى الفضل والاحسان
لكنهم ساووهم بالله في*** حب وتعظيم وفي ايمان


جعلوا محبتهم مع الرحمن ما*** حعلوا المحبة قط للرحمن
لو كان حبهم لأجل الله ما*** عادوا أحبته على الايمان
ولما أحبوا سخطه وتجنبوا*** محبوبه ومواقع الرضوان
شرط المحبة أن توافق من*** تحب على محبته بلا عصيان
فاذا ادعيت له المحبة مع خلا***فك ما يحب فأنت ذو بهتان
أتحب أعداء الحبيب وتدعي ***حبا له ما ذاك في امكان
وكذا تعادي جاهدا أحبابه*** أين المحبة يا أخا الشيطان


ليس العبادة غير توحيد المحبـ***ـة مع خضوع القلب والأركان
والحب نفس وفاقه فيما يحبـ**ـه وبغض ما لا يرتضي بجنان
ووفاقه نفس اتباعك أمره*** والقصد وجه الله ذي الاحسان
هذا هو الاحسان شرط في قبو***ل السعي فافهمه من القرآن
والاتباع بدون شرح رسوله*** عين المحال وأبطل البطلان
فإذا نبذت كتابه ورسوله*** وتبعت أمر النفس والشيطان
واتخذت أندادا تحبهم كحـ***ـب الله كنت مجانب الايمان


ولقد رأينا من فريق يدعي الا***سلام شركا ظاهر التبيان
جعلوا له شركاء والوهم وسو***وهم به في الحب لا السلطان
والله ما ساووهم بالله بل*** زادوا لهم حبا بلا كتمان
والله ما غضبوا اذا انتهكت محا*** رم ربهم في السر والاعلان
حتى إذا ما قيل في الوثن الذي*** يدعونه ما فيه من نقصان
فأجارك الرحمن من غضب ومن*** حرب ومن شتم ومن عدوان
وأجارك الرحمن من ضلرب وتعـ***ـزير ومن سب ومن تسجان 


والله لو عطلت كل صفاته*** ما قابلوك ببعض ذا العدوان
والله لو خالفت نص رسوله*** نصا صريحا واضح التبيان
وتبعت قول شيوخهم أو غيرهم*** كنت المحقق صاحب العرفان
حتى إذا خالفت آراء الرجا***ل لسنة المبعوث بالقرآن
نادوا عليك ببدعة وضلالة*** قالوا وفي تكفيره قولان
قالوا تنقصت الكبار وسائر الـ***ـعلماء بل جاهرت بالبهتان
هذا ولم نسلبهم حقا لهم*** ليكون ذاب كذب وذا عدوان
وإذا سلبت صفاته وعلوه***وكلامه جهرا بلا كتمان
لم يغضبوا بل كان ذلك عندهم*** عين الصواب ومقتضى الاحسان
والأمر والله العظيم يزيد فو***ق الوصف لا يخفى على العميان
وإذا ذكرت الله توحيد رأيـ***ـت وجوههم مكسوفة الألوان
بل ينظرون اليك شزرا مثل ما*** نظر التيوس الى عصا الجوبان
وإذا ذكرت بمدحه شركاءهم*** يتباشرون تباشر الفرحان
والله ما شموا روائح دينه*** يا زكمة أعيت طبيب زمان


فصل
في صف العسكرين وتقابل الصفين
واستدارة رحى الحرب العوان وتصاول الأقران

يا من يشب الحرب جهلا ما لكم*** بقتال حزب الله قط يدان
أنى تقوم جنودكم لجنودهم*** وهم الهداة وناصرو الرحمن
وجنودكم ما بين كذاب ودجـ***ـال ومحتال وذي بهتان
من كل أرعن يدّعي المعقول وهـ***ـو مجانب للعقل والايمان
أو كل مبتدع وجهمي غدا*** في قلبه حرج من القرآن
أو كل من دان دين شيوخ أهـ***ـل الاعتزال البيّن البطلان
أو قائل بالاتحاد وأنه*** عين الاله وما هنا شيئان
أم من غدا في دينه متحيّرا*** أتباع كل ملدد حيران


وجنودهم جبريل مع ميكال مع*** باقي الملائك ناصري القرآن
وجميع رسل الله من نوح الى*** خير الورى المبعوث من عدنان
فالقلب خمستهم أولو العزم الأولى*** في سورة الئورى أتوا ببيان
في أول الأحزاب أيضا ذكرهم*** هم خير خلق الله من انسان
ولواؤهم بيد الرسول محمد*** والكل تحت لواء ذي الفرقان
وجميع أصحاب الرسول عصابة الا***سلام أهل العلم والايمان
والتابعون لهم بإحسان على*** طبقاتهم في سائر الأزمان
أهل الحديث جميعهم وأئمة الـ***ـفتوى واهل حقائق العرفان
العرفون بربهم ونبيهم*** ومراتب الأعمال في الرجحان
صوفية سنية نبوية*** ليسوا أولي شطح ولا هذيان


هذا كلامهم لدينا حاضر*** من غير ما كذب ولا كتمان
فاقبل حوالة من أحال عليهم*** هم املياء أولو امكان
فإذا بعثنا غارة من أخريا***ت العسكر المنصور بالقرآن
طحنتكم طحن الرحى للحب حـ***ـتى صرتم كالبعر في القيعان
انى يقاوم ذي العساكر طمطم*** أو تنكلوشا أو اخو اليونان
أعني أرسطو عابد الأوثان أو*** ذاك الكفور معلم الألحان
ذاك المعلم أولا للحروف والثـ***ـاني لصوت بئست العلمان
هذا أساس الفسق والحرف الذي*** وضعوا أساس الكفر والهذيان
أو ذلك المخدوع حامل راية الـ***إلحاد ذاك خليفة الشيطان
أعني ابن سينا ذلك المحلول من*** أديان أهل الأرض ذا الكفران
وكذا نصير الشرك في أتباعه*** أعداء رسل الله والايمان


نصروا الضلالة من سفاهة رأيهم*** وغزوا جيوش الدين والقرآن
فجرى على الاسلام منهم محنة*** لم تجر قط بسالف الأزمان
أو جعدا وجهم وأتباع له*** هم أمة التعطيل والبهتان
أو حفص أو بشرا والنظام ذا***ك مقدم الفساق والمجان
والجعفران كذاك شيطان ويد***عي الطاق لا حييت من شيطان
وكذلك الشحام والعلاف والنـ***جار أهل الجهل بالقرآن
والله ما في القوم شخص رافع*** بالوحي رأسا بل برأي فلان
وخيار عسكركم فذاك الأشعر***ـي القرم ذاك مقدم الفرسان
لكنكم والله ما أنتم على*** إثباته والحق ذو برهان
هو قال أن الله فوق العرش، واستولى مقالة كل ذي بهتان
في كتبه طرا وقرر قول ذي الـ***إثبات تقريرا عظيم الشان
لكنكم أكفرتموه وقلتم*** من قال هذا فهو ذو كفران
فخيار عسكركم فأنتم منهم*** برآء إذ قربوا من الايمان


هذه العساكر قد تلاقت جهرة*** ودنا القتال وصيح بالأقران
صفوا الجيوش وعبئوها وابرزوا***للحرب واقتربوا من الفرسان
فهم الى لقياكم بالشوق كي*** يوفوا بنذرهم من القربان
ولهم اليكم شوق ذي قرم فما*** يشفيه غير موائد اللحمان
تبا لكم لو تعقلون لكنتم*** خلف الخدور كأضعف النسوان
من أين أنتم والحديث واهله*** والوحي والمعقول بالبرهان
ما عندكم الا الدعاوى والشكا***وى أو شهادات على البهتان
هذا الذي والله نلنا منكم*** في الحرب إذ يتقابل الصفان


والله ما جئتم بقال الله أو*** قال الرسول ونحن في الميدان
الا بجعجعة وفرقعة وغم*** غمة وقعقعة بكل لسان
ويحق ذاك لكم وأنتم أهله*** انتم بحاصلكم أولو عرفان
وبحقكم تحموا مناصبكم وأن*** تحموا مآكلكم بكل سنان
وبحقنا نحمي الهدى ونذب عن*** سنن الرسول ومقتضى القرآن
قبح الاله مناصبا ومآكلا*** قامت على العدوان والطغيان
والله لو جئتم بقال الله أو*** قال الرسول كفعل ذي الايمان
كنا لكم شاويش تعظيم وإجـ***ـلال كشاويش لذي سلطان
لكن هجرتم ذا وجئتم بدعة*** وأردتم التعظيم بالبهتان


فصل

العلم قال الله قال رسوله*** قال الصحابة هم أولو العرفان
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة*** بين الرسول وبين رأي فلان
كلا ولا جحد الصفات لربنا*** في قالب التنزيه والسبحان
كلا ولا نفي العلو لفاطر الأ***كوان فوق جميع ذي الأكوان
كلا ولا عزل النصوص وأنها***ليست تفيد حقائق الايمان
إذ لا تفيدكم يقينا لا ولا*** علما فقد عزلت عن الايقان
والعلم عندكم ينال بغيرها*** بزبالة الأفكار والأذهان
سميتموه قواطعا عقلية*** تنفي الظواهر حاملات معان
كلا ولا إحصاء آراء الرجا***ل وصبطها بالحصر والحسبان
كلا ولا التأويل والتبديـ***ـل والتحريف للوحيين بالبهتان
كلا ولا الأشكال والتشكيك والـ***ـوقف الذي ما فيه من عرفان
هذي علومكم التي من أجلها*** عاديتمونا يا أولي العرفان


فصل
في عقد الهدنة والأمان الواقع بين المعطلة
وأهل الالحاد حزب جنكيزخان

يا قوم صالحتم نفاة الذات والأ***وصاف صلحا موجبا لأمان
وأغرتم وهنا عليهم غارة*** قعقعتم فيها لهم بشنان
ما كان فيها من قتيل منهم***كلا ولا فيها أسير عان
ولطفتم في القول أو صانعتم*** وآتيتم في بحثكم بدهان
وجلستم معهم مجالسكم مع الـ***أستاذ بالآداب والميزان
وضرعتم للقوم كل ضراعة*** حتى أعاروكم سلاح الجاني
فغزوتم بسلاحهم لعساكر الا*** ثبات والآثار والقرآن
ولأجل ذا كنتم مخانيثا لهم*** لم تنفتح منكم لهم عينان
حذرا من استرجاعهم لسلاحهم*** فترون بعد السلب كالنسوان


وبحثتم ما صاحب الاثبات بالتـ***ـكفير والتضليل والعدوان
وقلبتم ظهر المجن له وأجلبـ***ـتم عليه بعسكر الشيطان
والله هذي ريبة لا يختفي*** مضمونها الا على الثيران
هذا وبينهما أشد تفاوت*** فئتان في الرحمن يختصمان
هذا نفي ذات الاله ووصفه*** نفيا صريحا ليس بالكتمان
لكن إذا وصف الاله بكل أو*** صاف الكمال المطلق الرباني
ونفي النقائص والعيوب كنفيـ***ـه التشبيه للرحمن بالانسان
فلأي شيئ كان حربكم له*** بالحد دون معطل الرحمن
قلنا نعم هذا المجسم كافر*** أفكان ذلك كامل الايمان
لا تنطفي نيران غيظكم على*** هذا المجسم يا أولي النيران
فالله يوقدها ويصلي حرها*** يوم الحساب محرف القرآن


يا قومنا قد ارتكبتم خطة*** لم يرتكبها قط ذو عرفان
وأعنتم وأعداءكم بوفاقكم*** لهم على شيء من البطلان
أخذوا نواصيكم بها ولحاكم*** فغدت تجر بذلة وهوان
قلتم بقولهم ورمتم كسرهم*** أنّى وقد غلقوا لكم برهان
وكسرتم الباب الذي من خلفه*** أعداء رسل الله والايمان
فأتى عدو ما لكم بقتالهم*** وبحربهم أبد الزمان يدان
فغدوتم أسرى لهم بحبالهم*** أيديكم شدت الى الأذقان
حملوا عليكم كالسباع استقبلت*** حمرا معقرة ذوي إرسال
صالوا علكم بالذي صلتم به*** أنتم علينا وصولة الفرسان
لولا تحيزكم الينا كنتم*** وسط العرين ممزقي اللحمان
لكنا بنا استنصرتم وبقولنا*** صلتم عليهم صولة الشجعان
وآليتم الاثبات إذ صلتم به*** وعزلتم التعطيل عزل مهان
وأتيتم تغزوننا بسرية*** من عسكر التعطيل والكفران
من ذا بحق الله أجهل منكم*** وأحقنا بالجهل والعدوان
تالله ما يدري الفتى بمصابه*** والقلب تحت الختم والخذلان


فصل
في مصارع النفاة والمعطلين بأسنة
أمراء الاثبات والتوحيد

وإذا أردت ترى مصارع من خلا*** من أمة التعكيل والكفران
وتراهم أسرى حقير شأنهم*** أيديهم غلت الى الأذقان
وتراهم تحت الرماح درئية*** ما فيهم من فارس طعان
وتراهم تحت السيوف نتوشهم*** من عن شمائلهم وعن إيمان
وتراهم انسلخوا من الوحيين والعـ***ـقل الصحيح ومقتضى القرآن
وتراهم والله ضحكة ساخر*** ولطالما سخروا من الايمان
قد أوحشت منهم ربوع زادهـ***ـها الجبار ايحاشا مدى الأزمان
وخلت ديارهم وشتت شملهم*** ما فيهم رجلان مجتمعان
قد عطل الرحمن أفئدة لهم*** من كل معرفة ومن إيمان
إذ عطلوا الرحمن من أوصافه*** والعرش أخلوه من الرحمن
بل عطلوه عن الكلام وعن صفا***ت كماله بالجهل والبهتان


فاقرأ تصانيف الامام حقيقة*** شيخ الوجود العالم الرباني
أعني أبا العباس أحمد ذلـ***ـك البحر المحيط بسائر الخلجان
واقرأ كتاب العقل والنقل الذي*** ما في الوجود له نظير ثان
وكذاك منهاج له في رده*** قول الروافض شيعة الشيطان
وكذاك أهل الاعتزال فإنه*** أرداهم في حفرة الجبان
وكذلك التأسيس أصبح نقضه*** اعجوبة للعالم الرباني
وكذاك أجوبة له مصرية*** في ست أسفار كتبن سمان
وكذا جواب للنصارى فيه ما*** يشفي الصدور وأنه سفران
وكذاك شرح العقيدة للأصبها***ني شارح المحصول شرح بيان
فيها النبوات التي إثباتها*** في غاية التقرير والتبيان
والله ما لأولي الكلام نظيره*** أبدا وكتبهم بكل مكان
وكذا حدوث العالم العلـ***ـوي والسفلي فيه في أتم نبيان
وكذا قواعد الاستقامة أنها*** سفران فيما بيننا ضخمان
وقرأت أكثرها عليه فزادني*** والله في علم وفي إيمان
هذا ولو حدثت نفسي أنه*** قبلي يموت لكان هذا الشان


وكذاك توحيد الفلاسفة الألى*** توحيدهم هو غاية الكفران
سفر لطيف فيه نقض أصولهم*** بحقيقة المعقول والبرهان
وكذاك تسعينية فيها له*** رد عل من قال بالنفساني
تسعون وجها بينت بطلانه*** أعني كلام النفس ذا الوحدان 
وكذا قواعده الكبار وأنها*** أوفى من المائتين في الحسبان
لم يتسع نظمي لها فأسوقها*** فأشرت بعض اشارة لبيب
وكذا رسائله الى البلدان والأ***طراف والأصحاب والاخوان
هي في الورى مبثوثة معلومة*** تبتاع بالغالي من الأثمان
وكذا فتاواه فأخبرني الذي*** أضحى عليها دائم الطوفان
بلغ الذي ألفاه منها عدة الأ***يام من شهر بلا نقصان
سفر يقابل كل يوم والذي*** قد فاتني منها بلا حسبان
هذا وليس يقصر التفسير عن*** عشر كبار ليس ذا نقصان
وكذا المفاريد التي في كل مسـ***ـألة فسفر واضح التبيان
ما بين عشر أو تزيد بضعفها*** هي كالنجوم لسالك حيران


وله المقامات الشهيرة في الورى*** قد قامها لله غير جبان
نصر الاله دينه وكتابه*** ورسوله بالسيف والبرهان
أبدى فضائحهم وبيّن جهلهم*** وأرى تناقضهم بكل زمان
وأصارهم والله تحت معال أهـ***ـل الحق بعد ملابس التيجان
وأصارهم تحت الحضيض وطالما*** كانوا هم الأعلام للبلدان
ومن العجائب أنه بسلاحهم***أرداهم تحت الحضيض الداني
كانت نواصينا بأيديهم فما*** منا لهم الا أسير عان
فغدت نواصيهم بأيدينا فما*** يلقوننا الا بحبل أمان
وغدت ملوكهم ماليكا لأنصـ***ـار الرسول بمنة الرحمن
وأتت جنودهم التي صالوا بها*** منقادة لعساكر الايمان
يدري بهذا من له خبر بما*** قد قاله في ربه الفئتان
والفدم يوحشنا ولكن هناكم*** فحضوره ومغيبه سيان


فصل
في بيان أن المصيبة التي حلت بأهل التعطيل والكفران
من جهة الأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان

يا قوم أصل بلائكم أسماء لم*** ينزل بها الرحمن من سلطان
هي عكستكم غاية التعكيس واقتـ***ـلعت دياركم من الأركان
فتهدمت تلك القصور وأوحشت*** منكم ربوع العلم والايمان
والذنب ذنبكم قبلتم لفظها*** من غير تفصيل ولا فرقان
وهي التي اشتملت على أمرين من*** حق وأمر واضح البطلان
سميتم عرش المهيمن حيّزا*** والاستواء تحيزا بمكان
وجعلتم فوق السموات العلى*** جهة وسقتم نفي ذا بوزان
وجعلتم الاثبات تشبيها وتجـ***ـسيما وهذا غاية البهتان
وجعلتم الموصوف جسما قابل الا***عراض والأكوان والألوان
وجعلتم أوصافه عرضا وهـ***ذا كله جسر الى النكران


وكذاك سميتم حلول حوادث*** أفعاله تلقيب ذي عدوان
إذ تنفر الأسماع من ذا اللفظ نفـ***ـرتها من التشبيه والنقصان
فكسوتم أفعاله لفظ الحوا***دث ثم قلتم قول ذي بطلان
ليست تقوم به الحوادث والمرا***د النفي للافعال للديان
فإذا انتفت أفعاله وصفاته*** وكلامه وعلو ذي السلطان
فبأي شيء كان ربا عندكم*** يا فرقة التحقيق والعرفان
والقصد نفي فعاله عن بذا التلـ***ـقيب فعل الشاعر الفتان
وكذاك حكمة ربنا سميتم*** عللا وأغراضا وذان اسمان
لا يشعران بل ضدهما*** فيهون حينئذ على الأذهان
نفي الصفات وحكمة الخلاق والأ***فعال إنكارا لهذا الشأن


وكذا استواء الرب فوق العر*** قلتم أنه التركيب ذو بطلان
وكذاك وجه الرب جل جلاله*** وكذاك لفظ يد ولفظ يدان
سميتم ذا كله الأعضاء بل*** سميتموه جوارح الانسان
وسطوتم بالنفي حينئذ عليـ***ـه كنفينا للعيب مع نقصان
قلتم ننزهه على الأعراض والا***غراض والأبعاض والجثمان
وعن الحوادث أن تحل بذاته*** سبحانه من طارق الحدثان
والقصد نفي صفاته وفعاله*** والاستواء وحكمة الرحمن
والناس أكثرهم بسجن اللفظ مسـ***ـجونون خوف معرة السبحان
والكل لا الفرد يقبل مذاهبا*** في قالب ويرده في ثان
والقصد أن الذات والأوصاف وال***أفعال لا تنفى بذا الهذيان
سموه ما شئتم فليس الشأن في ال*** أسماء بل في مقصد ومعان


كم ذا توسلتم بلفظ الجسم*** والتجسيم للتعطيل والكفران
وجعلتموه الترس ان قلنا لكم*** الله فوق العرش والأكوان 
قلتم لنا جسم على جسم تعا***لى الله عن جسم وعن جثمان
وكذاك ان قلنا القرآن كلامه*** منه بدا لك يبد من إنسان
كلا ولا ملك ولا لوح ولـ***ـكن قاله الرحمن قول بيان
قلتم لنا أن الكلام قيامه*** بالجسم أيضا وهو ذا حدثان
عرض يقوم بغير جسم ولم يكن*** هذا بمعقول لذي الأذهان
وكذاك حين نقول ينزل ربنا*** في ثلث ليل  وآخر أو ثان
قلتم لنا أن النزول لغير أجسـ***ـام محال ليس ذا إمكان
وكذاك ان قلنا يرى سبحانه*** قلتم أجسم كي يرى بعيان
أم كان ذا جهة تعالى ربنا*** عن ذا فليس يراه من إنسان


ما إذا قلنا وجه كما*** في النص أو قلنا كذاك يدان
وكذاك ان قلنا كما في النص أ***ن القلب بين أصابع الرحمن
وكذاك ان قلنا الأصابع فوقها*** كل العوالم وهي ذو رجفان
وكذاك ان قلنا يداه لأرضه*** وسمائه في الحشر قابضتان
وكذاك ان قلنا سيكشف ساقه*** فيخر ذاك الجميع للأذقان
وكذاك ان قلنا يجيء لفصله*** بين العباد بعدل ذي سلطان
قامت قيامتكم كذاك قيامة الآ***تي بهذا القول في الرحمن
والله لو قلنا الذي قال الصحا***بة والألى من بعدهم بلسان
لرجمتمونا بالحجارة ان قدر***تم بعد رجم الشتم والعدوان
وجعلتم الجسم الذي قدرتم*** بطلانه طاغوت ذا البطلان


ووضعتم للجسم معنى غير معـ***روف به في وضع كل لسان
وبنيتم نفي الصفات عليه فاجـ***ـتمعت لكم إذ ذاك محذوران
كذب على لغة الرسول ونفي إثـ***ـبات العلو لفاطر الأكوان
وركبتم إذ ذاك تحريفين تحـ***ـريف الحديث ومحكم القرآن
وكسبتم وزرين وزر النفي والتـ***ـحريف فاجتمعت لكم كفلان
وعداكم أجران أجر الصدق والـ***إيمان حتى فاتكم حظان
وكسبتم مقتين مقت الهكم*** والمؤمنين فنالكم مقتان
ولبستم ثوبين ثوب الجهل والـ***ـظلم القبيح فبئست الثوبان
واتخذتم طرزين طرز الكبر والتـ***ـيه لعظيم فبئست الطرزان
ومددتم نحو العلى باعين لـ***ـكن لم تطل منكم لها الباعان
وأتيتموها من سوى أبوابها*** لكن تسورتم من الحيطان
وغلقتم بابين لو فتحا لكم*** فزتم بكل بشارة وتهان
باب الحديث وباب هذا الوحي من***يفتحهما فليهنه البابان


وفتحتم بابين من يفتحهما*** تفتح عليه مواهب الشيطان
باب الكلام وقد نهيتم عنه*** والباب الحريق فمنطق اليونان


فدخلتم دارين دار الجهل في الد***نيا ودار الخزي في النيران
وطعمتم لونين لون الشك والتشـ***ـكيك بعد فبئست اللونان
وركبتم أمرين كم قد أهلكا*** من أمة في سالف الأزمان
تقديم آراء الرجال على الذي*** قال الرسول ومحكم القرآن
والثاني نسبتهم الى الألغاز*** والتلبيس والتدليس والكتمان
ومكرتم مكرين لو تما لكم***لانفصمت فينا عرى الايمان
أطفأتم نور الكتاب وسنة الهـ***ـادي بذا التحريف والهذيان
لكنكم أوقدتمو للحرب نا***را بين طائفتين مختلفان
والله مطفيها بألسنة الألى*** قد خصهم بالعام والايمان
والله لو غرق المجسم في فم التجسـ***ـيم من قدم الى الآذان
فالنص أعظم عنده وأجل قد*** را أن يعارضه بقول فلان





فصل
في كسر الطاغوت الذي نفوا به صفات ذي الملكوت والجبروت

أهون بذا الطاغوت لا عز اسمه*** طاغوت ذي التعطيل والكفران
كم من أسير بل جريح بل قتيـ***ـل تحت ذا الطاغوت في الأزمان
وترى الجبان يكاد يخلع قلبه *** من لفظه تبا لكل جبان
وترى المخنث حين يقرع سمعه*** تبدو عليه شمائل النسوان
ويظل منكوحا لكل معطل*** ولكل زنديق اخي كفران
وترى صبي العقل يفزعه اسمه*** كالغول حين يقال للصبيان
كفران هذا الاسم لا سبحانه*** أبدا وسبحان العظيم الشان
 كم ذا التترس بالمحال أما ترى*** قد مزقته كثرة السهمان
جسم وتجسيم وتشبيه أما***تعيون من فشر ومن هذيان
أنتم وضعتم ذلك الطاغـ****ـوت ثم به نفيتم موجب القرآن
جعلتموه شاهدا بل حاكما*** هذا على من يا أولي العدوان
أعلى كتاب الله ثم رسوله*** بالله فاستحيوا من الرحمن
فقضاؤه بالجور والعدوان مثـ***ـل قيامه بالزور والعدوان
وقيامه بالزور مثل قضائه***  بالجور والعدوان والبهتان


كم ذي الجعاجع ليس شيء تحتها*** الا الصدى كالبوم في الخربان
ونظير هذا قول ملحدكم وقد*** جحد الصفات لفاطر الأكوان
لو كان موصوفا لكان مركبا*** فالوصف والتركيب متحدان
ذا المنجنيق وذلك الطاغوت قد*** هدما دياركم الى الأركان
والله ربي قد أعان بكسر ذا*** وبقطع ذا سبحان ذي الاحسان
فلئن زعمتم أن هذا لازم*** لمقالكم حقا لزوم بيان
فلنا جوابات ثلاث كلها*** معلومة الايضاح والتبيان
منع اللزوم وما بأيديكم سوى*** دعوة مجردة عن البرهان
لا يرتضيها عالم أو عاقل*** بل تلك حيلة مفلس فتان


فلئن زعمتم أن منع لزومه*** منكم مكابرة على البطلان
فجوابنا الثاني امتناع النفي في*** ما تدعون لزومه ببيان
ان كان ذلك لازما للنص والملـ***ـزوم حق وهو ذو برهان
والحق لازمه فحق مثله*** أنى يكون الشيء ذا بطلان
ويكون ملزوما به حقا فذا*** عين المحال وليس في الامكان
فتعين الالزام حينئذ على*** قول الرسول ومحكم القرآن
وجعلتم أتباعه منا نسترا*** خوف خوفا من التصريح بالكفران
والله ما قلنا سوى ما قاله*** هذي مقالتنا بلا كتمان
فجعلتموها جنة والقصد مفهـ***ـوم فنحن وقاية القرآن


هذا وثالث ما نجيب به هو استفسـ***ـاركم يا فرقة العرفان
ماذا الذي تعنون بالجسم الذي*** ألزمتمونا أوضحوا ببيان
تعنون ما هو قائم بالنفس أو*** عال على العرش العظيم الشان
أو ذا الذي قامت به الأوصاف أو*** صاف الكمال عديمة النقصان
أو ما تركب من جواهر فردة*** أو صورة حلت هيولي ثان
أو ما هو الجسم الذي في العرف أو*** في الوضع عند تخاطب بلسان
أو ما هو الجسم الذي في الذهن ذا***ك يقال تعليم لذي الأذهان
ماذا الذي في ذاك يلزم من ثبو***ت علوه من فوق كل مكان
فأتوا بتعيين الذي هو لازم*** فاذا تعين ظاهر التبيان
فأتوا ببرهانين برهان اللزو***م ونفي لازمه فذان اثنان
والله لو نشرت لكم أشياخكم*** عجزوا ولو واطاهم الثقلان


ان كنتم أنتم فحولا فابرزوا*** ودعوا الشكاوى حيلة النسوان
وإذا اشتكيتم فاجعلوا الشكوى ال***ى الوحيين لا القاضي ولا السلطان
فنجيب بالتركيب حينئذ جوابا*** شافيا فيه هدى الحيران
الحق اثبات الصفات ونفيها*** عين المحال وليس في الامكان
فالجسم اما لازم لثبوتها*** فهو الصواب وليس ذا بطلان
أو ليس يلزم من ثبوت صفاته*** فشناعة الالزام بالبهتان
فالمنع في إحدى المقدمتين معـ***ـلوم البيان إذا بلا نكران
المنع إما في اللزوم أو انتقا***ء اللازم المنسوب للبطلان
هذا هو الطاغوت قد أضحى كما*** أبصرتموه بمنة الرحمن


فصل
في مبدأ العداوة الواقعة بين المثبتين الموحدين
وبين النفاة المعطلين

يا قوم تدرون العداوة بيننا*** من أجل ماذا في قديم زمان
انا تحيزنا الى القرآن والنـ***ـقل الصحيح مفسر القرآن
وكذا الى العقل الصريح وفطرة الر***حمن قبل تغير الانسان
هي أربع متلازمات بعضها*** قد صدقت بعضا على ميزان
والله ما اجتمعت لديكم هذه*** أبدا كما أقررتم بلسان
اذ قلتم العقل الصحيح يعارض الـ***ـمنقول من أثر ومن قرآن
فتقدم المعقول ثم انصرف الـ***ـمنقول بالتأويل ذي الألوان
فإذا عجزنا عنه ثم ألقيناه لم*** نعبأ به قصدا الى الاحسان

ولكم بذا سلف لهم تابعتم*** لما دعوا للأخذ بالقرآن
صدوا فلما أن أصيبوا أقسموا*** لمرادنا توفيق ذي الاحسان
ولقد أصيبوا في قلوبهم وفي*** تلك العقول بغاية النقصان
فأتوا بأقوال إذا حصلتها*** أسمعت ضحكة هازل مجان
هذا جزاء المعرضين عن الهدى*** متعوضين زخارف الهذيان


واضرب لهم مثلا بشيخ القوم إذ*** يأبى السجود بكبر ذي طغيان
ثم ارتضى الى أن أن صار قوادا لأر***باب الفسوق وكل ذي عصيان
وكذاك أهل الشرك قالوا كيف ذا*** بشر أتى بالوحي والقرآن
ثم ارتضوا أن يجعلوا معبودهم*** من هذه الأحجار والأوثان
وكذاك عباد الصليب  حموا بتا***ركهم من النسوان والولدان
وأتوا الى رب السموات العلى***جعلوا له ولدا من الذكران
وكذلك الجهمي نزه ربه*** عن عرشه من فوق ذي الأكوان
حذرا من الحصر الذي في ظنه*** أو أن يرى متحيزا بمكان
فأصاره عدما وليس وجوده*** متحققا في خارج الأذهان


لكنمكا قدمائهم قالوا بأن***ن الذات قد وجدت بكل مكان
جعلوه في الآبار والأنجاس والـ*** ـحانات والخربات والقيعان
والقصد أنكم تحيزتم الى الآر***راء وهي كثيرة الهذيان
فتلونت بكم فجئتم أنتم*** متلونين عجائب الأكوان
وعرضتم قول الرسول على الذي*** قد قاله الأشياخ عرض وزان
وجعلتم أقوالهم ميزان ما*** قد قاله والقول في الميزان
ووردتم سفل المياه ولم نكن*** نرضى بذاك الورد للظمآن
وأخذتم أنتم بنيات الطريق ونحـ***ـن سرنا في الطريق الأعظم السلطاني
وجعلتم ترس الكلام مجنكم*** تبا لذاك الترس عند طعان



ورميتم أهل الحديث بأسهم*** عن فوس موتور الفؤاد جبان
فتترسوا بالوحي والسنن التي*** تتلوه نعم الترس للشجعان
هو ترسهم والله من عدوانكم*** والترس يوم البعث من نيران
أفتاركوه لفشركم ومحالكم*** لا كان ذاك بمنة الرحمن
ودعوتمونا للذي قلتم به*** قلنا معاذ الله من خذلان
فاشتد ذاك الحرب بين فريقنا*** وفريقكم وتفاقم الأمران
وتأصلت تلك العداوة بيننا*** من يوم أمر الله للشيطان
بسجوده فعصى وعارض أمره*** بقياسه وبعقله الخوان
 فأتى التلاميذ الوقاح فعارضوا*** أخباره بالفشر والهذيان
ومعارض للأمر مثل معارض الأ***خبار هم في كفرهم صنوان
من عارض المنصوص بالمعقول قد*** ما أخبرونا يا أولي العرفان
أو ما عرفتم أنه القدري والـ***ـجبري أيضا ذاك في القرآم
إذ قال قد أغويتني وفتنتني***لأزينن لهم مدى الأزمان
فاحتج بالمقدور ثم أبان أن الـ***ـفعل منه بغية وزيان
فانظر الى ميراثهم ذا الشيـ***ـيخ بالتعصيب والميراث بالسهمان
فسألتكم بالله من وراثه؟*** منا ومنكم بعد ذا التبيان
هذا الذي ألقى العداوة بيننا*** إذ ذاك واتصلت به الى الآن
أصلتم أصلا وأصل خصمكم*** أصلا فحين تقابل الأصلان
ظهر التباين فانتشت ما بيننا الـ***ـحرب العوان وصيح بالأقران


أصلتم آراء الرجال وخصوصها*** من غير برهان ولا سلطان
هذا وكم رأي لهم فبرأي من***نزن النصوص فأوضحوا ببيان
كل له رأي ومعقول له*** يدعو ويمنع أخذ رأي فلان
والخصم أصل محكم القرآن مع*** قول الرسول فطرة الرحمن
وبنى عليه فاعتلى بنيانه*** نحو الاسما أعظم بذا البنيان
وعلى شفا جرف بنيتم أنتم*** فأتت سيول الوحي والايمان
قلعت أساس بنائكم فتهدمت*** تلك السقوف وخر للأركان
الله أكبر لو رأيتم ذلك البنيـ***ـان حين علا كمثل دخان
تسمو اليه نواظر من تحته*** وهو الوضيع ولو يرى بعيان
فاصبر له وهنا ورد الطرف تلقـ***ـاه قريبا في الحضيض الداني


فصل
في بيان أن التعطيل أساس الزندقة والكفران
والاثبات أساس العلم والايمان

من قال أن الله ليس بفاعل*** فعلا يقوم به قيام معان
كلا وليس الأمر أيضا قائما*** بالرب بل من جملة الأكوان
كلا وليس الله فوق عباده*** بل عرشه خلو من الرحمن
فثلاثة والله لا تبقى من الا***يمان حبة خردل بوزان
وقد استراح معطل هذه الثلا***ث من الاله وجملة القرآن
ومن الرسول ودينه وشريعة الاسلام بل من جملة الأديان
وتمام ذاك جحوده لصفاته*** والذات دون الوصف ذو بطلان
وتمام ذا الايمان اقرار الفتى*** بالله فاطر هذه الأكوان
فإذا أقر به وعطل كل مفـ***ـروض ولم يتوق من عصيان
لم ينقص الايمان حبة خردل*** أنى وليس يقابل النقصان


وتمام هذا قوله أن النبـ***ـوة ليس وصفا قام به الانسان
لكن تعلق ذلك المعنى القديـ***ـم بواحد من جملة الانسان
هذا وما ذاك التعلق ثابتا*** في خارج بل ذاك في الأذهان
فتعلق الأقوال لا يعطي الذي***وقفت عليه الكون في الأعيان
هذا إذا ما حصل المعنى الذي*** قلتم هو النفسي في البرهان
لكن جمهور الطوائف لم يروا***ذا ممكنا بل ذاك ذو بطلان
ما قال هذا غيركم من سائر النـ***ـظار في الآفاق والأزمان
تسعون وجها بينت بطلانه*** لولا القريض لسقتها بوزان


يا قوم أين الرب؟ أين كلامه؟*** أين الرسول فأوضحوا ببيان
ما فوق عرش الرب من هو قائل*** طه ولا حرفا من القرآن
ولقد شهدتم أن هذا قولكم*** والله يشهد مع أولي الايمان
وارحمتاه لكم غبنتم حظكم*** من كل معرفة ومن ايمان
ونسبتم للكفر أولى منمكم*** بالله والايمان والقرآن
هذي بضاعتكم فمن يستامها*** فقد ارتضى بالجهل والخسران
وتمام هذا قولكم في مبدأ*** ومعادنا أعني المعاد الثاني
وتمام هذا قولكم بفناء دا***ر الخلد فالداران فانيتان
يا قومنا بلغ الوجود بأسره الد***نيا مع الأخرى مع الايمان
الخلق والأمر المنزل والجزا***ومنازل الجنات والنيران


والناس قد ورثوه بعد فمنهم*** ذو السهم والسهمين والسهمان
بئس المورث والمورث والترا***ث ثلاثة أهل لكل هوان
يا وراثين نبيهم بشراكم*** ما إرثكم مع إرثهم سيان
 شتان بين الوارثين وبين مو***روثيها وسهام ذي سهمان
يا قوم ما صاح الأئمة جهدهم*** بالجهم من أقطارها بأذان
الا لما عرفوه من أقواله***ومآلها بحقيقة العرفان
قول الرسول وقول جهم عندنا*** في قلب عبد ليس يجتمعان
نصحوكم والله جهد نصيحة*** ما فيهم والله من خوان 
فخذو بهديهم فربي ضامن *** ورسوله أن تفعلوا بجنان
فإذا أبيت فالسلام على من اتبـ***ـع الهدى وانقاد للقرآن


سيروا على نجب العزائم واجعلوا*** بظهورها المسرى الى الرحمن
سبق المفرد وهو ذاكر ربه*** في كل حال ليس ذا نسيان
لكن أخو الغفلات منقطع به*** بين المفاوز تحت ذي الغيلان
صيد السباع وكل وحش كاسر*** بئس المضيف لأعجز الضيفان
وكذلك الشيطان يصطاد الذي*** لا يذكر الرحمن كل أوان
والذكر أنواع فأعلى نوعه*** ذكر الصفات لربنا المنان
وثبوتها أصل لهذا الذكر والنـ***ـافي لها داع الى النسيان
فلذاك كان خليفة الشيطان ذا*** لا مرحبا بخليفة الشيطان
والذاكرون على مراتبهم فأعـ***ـلاهم أولو الايمان والعرفان
بصفاته العليا اذا قاموا بحمـ***ـد الله في سر وفي اعلان


وأخص اهل الذكر بالرحمن أعـ***ـلمهم بها هم صفوة الرحمن
وكذاك كان محمد وأبوه ابـ***ـراهيم والمولود من عمران
وكذاك نوح وابن مريم عندنا*** هم خير خلق الله من إنسان
لمعارف حصلت لهم بصفاته*** لم يؤتها أحد من الانسان
وهم أولو العزم الذي بصورة الأ***حزاب والشورى أتوا ببيان
وكذلك القرآن مملوء من الأ***وصاف وهي القصد بالقرآن
ليصير معروفا لنا بصفاته*** ويصير مذكورا لنا بجنان
ولسان أيضا مع محبتنا له*** فلأجل ذا الاثبات في الايمان
مثل الأساس من البناء فمن يرم*** هدم الأساس فكيف بالبنيان
والله ما قام البناء لدين رسـ***ـل الله بالتعطيل للديّان
ما قام الا بصفات مفصلا*** إثباتها تفصيل ذي عرفان
فهي الأساس لديننا ولكل ديـ***ـن قبله من سائر الأديان


وكذاك ذندقة العباد أساسها التـ***ـعطيل يشهد ذا أولو العرفان
والله ما في الأرض زندقة بدت*** الا من التعطيل والنكران
والله ما في الأرض زندقة بدت***  من جانب الاثبات والقرآن
هذي زنادقة العباد جميعهم*** ومصنفاتهم بكل مكان
ما فيهم أحد يقول الله فو***ق العرش مستول على الأكوان
ويقول إن الله جل جلاله*** متكلم بالوحي والقرآن
ويقول إن الله كلم عبده*** موسى فأسمعه بذي الآذان
ويقول ان النقل غير معارض***للعقل بل أمران متفقان
والنقل جاء بما يحار العقل فيـ***ـه لا المحال البيّن البطلان
فانظر الى الجهمي كيف اتى الى*** أس الهدى ومعاقل الايمان
بمعاول التعطيل يقطعها فما*** يبقى على التعطيل من إيمان
يدري بهذا عارف بمآخذ ال***أقوال مضطلع بهذا الشأن
والله لو حدقتم لرأيتم *** هذا وأعظم منه رأي عيان
لكن على تلك العيون غشاوة*** ما حيلة الكحال في العميان




فصل
في بهت أهل الشرك والتعطيل في رميهم
أهل التوحيد والاثبات بتنقيص الرسول 


قالوا تنقصتم من رسول الله وا*** عجبا لهذا البغي والبهتان
عزلوه أن يحتج قط بقوله*** في العلم بالله العظيم الشان
عزلوا كلام الله ثم رسوله*** عن ذاك عزلا ليس ذا كتمان
جعلوا حقيقته وظاهره هو الـ***ـكفر الصريح البيّن البطلان
قالوا وظاهره هو التشبيه والتـ***ـجسيم حاشا ظاهر القرآن
من قال في الرحمن ما دلت عليـ***ـه حقيقة الأخبار والفرقان
فهو المشبه والمثل والمجـ***ـسم عابد الأوثان لا الرحمن
تالله قد مسخت عقولكم فليـ***ـس وراء هذا قط من نقصان
ومريتم حزب الرسول وجنده*** بمصابكم يا فرقة البهتان
وجعلتم التنقيص عين وفاقه*** إذ لم يوافق ذاك رأي فلان


أنتم تنقصتم اله العرش*** والقرآن والمبعوث بالقرأن
نزهتوه عن صفات كماله***وعن الكلام وفوق كل مكان
وجعلتم ذا كله*** التشبيه والتـ***ـمثيل والتجسيم ذا البطلان
وكلامكم فيه الشفاء وغاية الـ***ـتحقيق يا عجبا لذا الخذلان
جعلوا عقولهم أحق بأخذ ما*** فيها من الأخبار والقرآن
وكلامه لا يستفاد به اليقيـ***ـن لأجل ذا لا يقبل الخصمان
تحكيمه عند اختلافهما بل الـ***ـمعقول ثم المنطق اليوناني
أي التنقص بعد ذا لولا الوقا*** حة والجراءة يا أولي العدوان
يا من له عقل ونور قد غدا*** يمشي به في الناس كل زمان


لكننا قلنا مقالة صارخ*** في كل وقت بينكم بأذان
الرب رب والرسول فعبده*** حقا وليس لنا اله ثان
فلذاك لم نعبده مثل عبادة الـ***ـرحمن فعل المشرك النصراني
كلا ولم نغل الغلو كم نهى*** عنه الرسةل مخافة الكفران
لله حق لا يكون لغيره*** ولعبده حق هما حقان 
لا تجعلوا الحقين حقا واحدا*** من غير تمييز ولا فرقان
فالحج للرحمن دون رسوله*** وكذا الصلاة وذبح ذا القربان
وكذا السجود ونذرنا ويميننا*** وكذا متاب العبد من عصيان
وكذا التوكل والانابة والتقى*** وكذا الرجاء وخشية الرحمن
وكذا العبادة واستعانتنا به*** إياك نعبد ذان توحيدان
وعليهما قام الوجود بأسره*** دنيا وأخرى حبذا الركنان
وكذلك التسبيح والتكبير والتـ***ـهليل حق الهنا الديان


لكنما التعزيز والتوقير حـ***قﹼ للرسول بمقتضى القرآن
والحب والايمان والتصديق لا*** يختص بل حقان مشتركان
هذي تفاصيل الحقوق ثلاثة*** لا تجهلوها يا أولي العدوان
حق الاله عبادة بالأمر لا*** بهوى النفوس فذاك للشيطان
من غير اشراك به شيئا هما*** سببا النجاة فحبذا السببان
ورسوله فهو المطاع وقوله المـ***ـقبول إذ هو صاحب البرهان
والأمر منه الحتم لا تخيير فيـ***ـه عند ذي عقل وذي إيمان


من قال قولا غيره قمنا على*** أقواله بالسبر والميزان
ان وافقت قول الرسول وحكمه*** فعلى الرؤوس تشال كالتيجان
أو خالفت هذا رددناها على*** من قالها من كان من إنسان
أو أشكلت عنا توقفنا ولم*** نجزم بلا علم ولا برهان
هذا الذي أدى اليه علمنا*** وبه ندين الله كل أوان
فهو المطاع وأمره العالي على*** أمر الورى وأوامر السلطان
 وهو المقدم في محبتنا على الـ***أهلين والأزواج والولدان
وعلى العباد جميعهم حتى على النـ***ـفس التي قد ضمها الجنبان


ونظير هذا قول أعداء المسـ***ـيح من النصارى عابدي الصلبان
انا تنقصنا المسيح بقولنا*** عبد وذلك غاية النقصان
لو قلتم ولد اله خالق*** وفيتموه حقه بوزان
وكذاك أشباه النصارى قد غلوا*** في دينهم بالجهل والطغيان
صاروا معادين الرسول وديننا*** في صورة الأحباب والاخوان
فانظر الى تبديلهم توحيده*** بالشرك والايمان بالكفران
وانظر الى تجريده التوحيد من*** أسباب كل الشرك بالرحمن
راجع مقالتهم وما قد قاله*** واستدع بالنقاد والوزان
عقل وفطرتك السليمة ثم زن*** هذا وذا لا تطغ في الميزان
فهناك تعلم أي حزبينا هو الـ*** منتقص المنقوص ذو العدوان


رامي البريء بدائه ومصابه***فعل المباهت أوقح الحيوان
كمعيّر الناس بالزعل الذي*** هو ضربه فاعجب لذي البهتان
يا فرقة التنقيص بل يا أمة الدعوى بلا علم ولا عرفان
والله ما قدمتم يوما مقا***لته على التقليد للانسان
والله ما قال الشيوخ وقال الا*** كنتم معهم بلا كتمان
والله أغلاط الشيوخ لديكم*** أولى من المعصوم بالبرهان
وكذا قضيتم بالذي حكمت به*** جهلا على الأخبار والقرآن
والله انهم لديكم مثل معصوم وهذا غاية الطغيان
تبا لكم ماذا التنقص بعد ذا*** لو تعرفون العدل من نقصان
والله ما يرضيه جعلكم له*** ترسا لشرككم وللعدوان
وكذاك جعلكم المشايخ جنة*** بخلافة والقصد ذو تبيان
 والله يشهد ذا بحذر قلوبكم*** وكذاك يشهده أولو الايمان


والله ما عظمتموه طاعة*** ومحبة يا فرقة العصيان
إني وجهلكم به وبيجنه*** وخلافكم للوحي معلومان
أوصاكم أشياخكم بخلافهم*** لوفاقه في سالف الأزمان
خالفتم قول الشيوخ وقوله*** فغدا لكم خلفان متفقان
والله أمركم عجب معجب*** ضدان فيكم ليس يتفقان
تقديم آراء الرجال عليه مع*** هذا الغلو فكيف يجتمعان
كفرتم من جرد التوحيد جهـ***ـلا منكم بحقائق الايمان
لكن تجردتم لنصر الشرك والـ***ـبدع المضلة في رضا الشيطان
والله لم نقصد سوى التجريد للتـ*** ـوحيد ذاك وصية الرحمن
ورضا رسول الله منا لا غلو*** الشرك أصل عبادة الأوثان


والله لو يرضى الرسول دعاءنا*** اياه بادرنا الى الاذعان
والله لو يرضى الرسول سجودنا*** كنا نخر له على الأذقان
والله ما يرضيه منا غير*** اخلاص وتحكيم لذا القرآن
ولقد نهى ذا الخلق عن اطرائه*** فعل النصارى عابدي الصلبان
ولقد نهانا أن نصير قبره*** عيدا حذار الشرك بالرحمن
ودعا بأن لا يجعل القبر الذي*** ضمه وثنا من الأوثان
فأجاب رب العالمين دعاءه*** وأحاطه بثلاثة الجدران
حتى اغتدت أرجاؤه بدعائه*** في عزة وحماية وصيان
ولقد غدا عند الوفاة مصرحا*** باللعن يصرخ فيهم بأذان
وعنى الألي جعلوا القبور مساجدا*** وهم اليهود وعابدو الصلبان
والله لولا ذاك أبرز قبره*** لكنهم حجبوه بالحيطان
قصدوا الى تسنيم حجرته ليمـ***ـتنع السجود له على الأذقان
قصدوا موافقة الرسول وقصـ***ـده التجريد للتوحيد للرحمن


يا فرقة جهلت نصوص نبيهم*** وقصوده وحقيقة الايمان
فسطوا على أتباعه وجنوده*** بالغي والعدوان والبهتان
لا تعجلوا وتبينوا وتثبتوا*** فمصابكم ما فيه من حيران
قلنا الذي قال الأئمة قبلنا*** وبه النصوص أتت على التبيان
القصد حج البيت وهو فريضة الر*** حمن واجبة على الأعيان
ورحالنا شدت اليه من بقا***ع الأرض قاصيها كذاك الداني
من لم يزر بيت الاله فما له*** من حجة سهم ولا سهمان
وكذا نشد رحالنا للمسجد النـ***ـبوي خير مساجد البلدان
من بعد مكة أو على الاطلاق فيـ***ـه اخلف بين القوم منذ زمان
ونراه عند النذر فرضا لكـ***ـن النعمان يأبى ذا وللنعمان
أصل هو النافي الوجوب فانه*** ما جنسه فرضا على الانسان
ولنا براهين تدل بأنه*** بالنذر مفترض على الانسان
أمر الرسول لكل نادر طاعة*** بوفائه بالنذر بالاحسان


وصلاتنا فيه بألف من سوا***ه ما خلا ذا الحجر والأركان
وكذا صلاة في قبا فكعمرة*** في أجرها والفضل للمنان
فإذا أتينا المسجد النبوي صلينا التحية أولا ثنتان
بتمام أركان لها وخشوعها*** وحضور قلب فعل ذي الاحسان
ثم انثنينا للزيارة نقصد القبـ***ـر الشريف ولو على الأجفان
فنقوم دون القبر وقفة خاضع*** متذلل في السر والاعلان
فكأنه في القبر حيّ ناطق*** فالواقفون نواكس الأذقان
ملكتهم تلك المهابة فاعترت*** تلك القوائم كثرة الرجفان
وتفجرت تلك العيون بمائها*** ولطالما غاضت على الأزمان
وأتى المسلم بالسلام بهيبة*** ووقار ذي علم وذي ايمان
لم يرفع الأصوات حول ضريحه*** كلا ولم يسجد على الأذقان
كلا ولم ير طائفا بالقبر أسـ***ـبوعا كأن القبر بيت ثان
من انثنى بدعائه متوجها*** لله نحو البيت ذي الأركان
هذي زيارة من غدا متمسكا*** لشريعة الاسلام والايمان
من أفضل الأعمال هاتيك الزيا***رة وهي يوم الحشر في الميزان
لا تلبسوا الحق الذي جاءت به*** سنن الرسول بأعظم البرهان
هذي زيارتنا ولم ننكر سـ***ـوى البدع المضلة يا أولي العدوان
وحديث شد الرحل نص ثابت***يجب المصير اليه بالبرهان


فصل
في تعيين أن أتباع السنة والقرآن طريقة النجاة من النيران

يا من يريد نجاته يوم الحسا***ب من الجحيم وموقد النيران
اتبع رسول الله في الأقوال والأ***عمال لا تخرج عن القرآن
وخذ الصحيحين الذين همـ***ـا لعقد الدين والايمان واسطتان
واقرأهما بعد التجرد من هوى*** وتعصب وحمية الشيطان
واجعلهما حكما ولا تحكم على*** ما فيهما أصلا بقول فلان
واجعل مقالته كبعض مقالة مقال الأ***شياخ تنصرهما بكل أوان
وانصر مقالته كنصرك للذي*** قلدته من غير ما برهان
قدر رسول الله عندك وحده*** والقول منه اليك ذو تبيان
ماذا ترى فرضا عليك معينا *** إن كنت ذا عقل وذا ايمان
عرض الذي قالوا على أقواله*** أو عكس ذاك فذانك الأمران
هي مفرق الطرقات بين طريقنا*** وطريق أهل الزيغ والعدوان


قدر مقالات العباد جميعهم*** عدما وراجع مطلع الايمان
واجعل جلوسك بين صحب محمد*** وتلق معهم عنه بالاحسان
وتلق عنهم ما تلقوه هم*** عنه من الايمان والعرفان
أفليس في هذا بلاغ مسافر*** يبفي الاله وجنة الحيوان
لولا التناوش بين هذا الخلق ما*** كان التفرق قط في الحسبان
فالرب رب واحد كتابه*** كق وفهم الحق منه دان
ورسوله قد أوضح منه فلا*** يحتاج سامعهما الى تبيان
والنصح منه فوق كل نصيحة*** والعلم مأخوذ عن الرحمن
فلأي شيء يعدل الباغي الهدى*** عن قوله لولا عمى الخذلان


فالنقل عنه مصدق والقول من*** ذي عصمة ما عندنا قولان
والعكس عند سواه في الأمرين يا***من يهتدي هل يستوي النقلان
تالله قد لاح الصباح لمن له*** عينان نحو الفجر ناظرتان
وأخو العماية في عمايته يقو***ل الليل بعد أيستوي الرجلان
تالله قد رفعت لك الأعلام ان*** كنت المشمر نلت ادر أمان
وإذا جنبت وكنت كسلانا فما*** حرم الوصول اليه غير جبان
فاقدم وعد بالوصل نفسك واهـ***ـجر المقطوع منه قاطع الانسان
عن نيل مقصده فذاك عدوه*** ولو أنه منه القريب الداني


فصل
في تيسير السير الى الله على المثبتين الموحدين وامتناعه على 
المعطلين والمشركين

يا قاعدا سارت به أنفاسه*** سير البريد وليس بالذملان
حتى متى هذا الرقاد وقد سرى*** وفد المحبة مع اولي الاحسان؟
وحدت بهم عزماتهم نحو العلى*** لا حادي الركبان والأظعان
ركبوا العزائم واعتلوا بظهورها*** وسروا فما حنوا الى نعمان
ساروا رويدا ثم جاءوا أولا*** سير الدليل يؤم بالركبان
ساروا بإثبات الصفات اليه لا التـ***ـعطيل  والتحريف والنكران
عرفوه بالأوصاف فامتلأت قلو***بهم له بالحب والايمان
فتطايرت تلك القلوب اليه بالـ***أشواق إذ ملئت من العرفان
وأشدهم حبا له أدراهم*** بصفاته وحقائق القرآن
فالحب يتبع للشعور بحسبه*** يقوى ويضعف ذاك ذو تبيان


ولذاك كان العارفون صفاته*** أحبائه هم اهل هذا الشان
ولذاك كان العالمون بربهم*** أحبابه وبشرعة الايمان
ولذاك كان المنكرون لها هم الـ***أعداء حقا هم أولو الشنآن
ولذاك كان الجاهلون بذا وذا*** بغضاءه حقا  ذوي شنآن
وحياة قلب العبد في شيئين من*** يرزقهما يحيا مدى الأزمان
في هذه الدنيا وفي الأخرى يكو***ن الحي ذا الرضوان والاحسان
ذكر الاله وحبه من غير إشـ***ـراك به وهما فممتنعان
من صاحب التعطيل حقا كامتنا***ع الطائر المقصوص من طيران
أيحبه من كان ينكر وصفه*** وعلوه وكلامه بقران
لا والذي حقا على العرش استوى*** متكلما بالوحي والفرقان


الله أكبر ذاك فضل الله يؤ***تيه لمن يرضى بلا حسبان
وترى المخلف في الديار تقول ذا*** احدى الاثافي خص بالحرمان
الله أكبر ذاك عدل الله يقضيه على من شاء من انسان
وله على هذا وهذا الحمد في الا***ولى وفي الأخرى هما حمدان
حمد لذات الرب جل جلاله*** وكذاك حمد العدل والاحسان
يا من تعز عليهم أرواحهم*** ويرون غبنا بيعها بهوان
ويرون خسرانا مبينا بيعها*** في أثر كل قبيحة ومهان
ويرون ميدان التسابق بارزا*** فيتاركون تقحم الميدان
ويرون أنفاس العباد عليهم*** قد أحصيت بالعد والحسبان
ويرون أن أمامهم يوم اللقا*** لله مسألتان شاملتان
ماذا عبدتم ثم ماذا قد أجبـ***ـتم من أتى بالحق والبرهان
هاتوا جوابا للسؤال وهيئوا*** أيضا صوابا للجواب يدان
وتيقنوا أن ليس ينجيكم سوى*** تجريدكم لحقائق الايمان
تجريدكم توحيده سبحانه*** عن شركة الشيطان والأوثان
وكذاك تجريد أتباع رسوله*** عن هذه الآراء والهذيان
والله ما ينجي الفتى من ربه*** شيء سوى هذا بلا روغان 


يا رب جرد عبدك المسكين را***جي الفضل منك أضعف العبدان
لم تنسه وذكرته فاجعله لا*** ينساك أنت بدأت بالاحسان
وبه ختمت فكنت أولى بالجميـ***ـل وبالثناء من الجهول الجاني
فالعبد ليس يضيع بين فواتح*** وخواتم من فضل ذي الغفران
أنت العليم به وقد أنشأته*** من تربة هي أضعف الأركان
كل عليها قد علا وهوت الى*** تحت الجميع بذلة وهوان
وعلت عليها النيران حتى ظن أن*** يعلو عليها الخلق من نيران
وأتى الى الأبوين ظنا أنه*** سيصير الأبوين تحت دخان
فسعت الى الأبوين رحمتك التي*** وسعتهما فعلا بك الأبوان


هذا ونحن بنوهما وحلومنا*** في جنب حلمهما لدى الميزان
جزء يسير والعدو فواحد*** لهما وأعدانا بلا حسبان
والضعف مستول علينا في جميع جها***تنا سيما من الايمان
يا رب معذرة اليك فلم يكن*** قصد العباد ركوب ذا العصيان
لكن نفوس سوّلته وغرّها*** هذا العدو لها غرر أمان
فتيقنت يا رب أنك واسع الـ***ـغفران ذو فضل وذو احسان
ومقاله ما قاله الأبوان قبـ***ـل مقالة العبد الظلوم الجاني
نحن الألى ظلموا وان لم تغفر الذ***نب العظيم فنحن ذو خسران
يا رب فانصرنا على الشيطان ليـ***ـس لنا به لولا حماك يدان


فصل
في ظهور الفرق بين الطائفتين وعدم التباسه الا على من ليس ذي عينان

والفرق بينكم وبين خصومكم*** من كل وجه ثابت ببيان
ما أنت منهم ولا هم منكم*** شتان بين السعد والدبران
فاذا دعونا للقرآن دعوتم*** للرأي أين الرأي من قرآن
واذا دعونا للحديث دعوتم*** أنتم الى تقليد قول فلان
وكذا تلقينا نصوص نبينا*** بقبولها بالحق والاذعان
من غير تحريف ولا  جحد ولا***تفويض ذي جهل بلا عرفان
لكن باعراض وتجهيل وتأ***ويل تلقيتم مع النكران
أنكرتموها جهدكم فاذا أتى*** ما لا سبيل له الى نكران
أعرضتم عنه ولم تستنبطوا*** منه هدى لحقائق الايمان
فاذا ابتليتم مكرهين بسمعها*** فوضتموها لا على العرفان
لكن يجهل للذي سيقت له*** تفويض اعراض وجهل معان
فاذا ابتليتم باحتجاج خصومكم*** أوليتموها دفع ذي صولان
فالجحد والاعراض والتأويل والتـ***ـجهيل حظ النص عند الجاني
لكن لدينا حظه التسليم مع*** حسن القبول وفهم ذي الاحسان


فصل
في التفاوت بين حظ المثبتين والمعطلين
من وحي رب العالمين

ولنا الحقيقة من كلام الهنا*** ونصيبكم منه المجاز الثاني
وقواطع الوحيين شاهدة لنا*** وعليكم هل يستوي الأمران
وأدلة المعقول شاهدة لنا*** أيضا فقاضونا الى البرهان
وكذاك فطرة ربنا الرحمن شا***هدة لنا أيضا شهود بيان
وكذاك اجماع الصحابة والألى*** تبعوهم بالعلم والاحسان
وكذاك اجماع الأئمة بعدهم*** هذا كلامهم بكل مكان
هذي الشهود فهل لديكم أنتم*** من شاهد بالنفي والنكران
وجنودنا من قد تقدم ذكرهم*** وجنودكم فعساكر الشيطان
وخيامنا مضروبة بمشاعر الـ***ـوحيين من خبر ومن قرآن
وخيامكم مضروبة بالتيه فالسـ***ـكان كل ملدد حيران


هذه شهادتهم على محصولهم*** عند الممات وقولهم بلسان
والله يشهد أنهم أيضا كذا*** تكفي شهادة ربنا الرحمن
ولنا المساند والصحاح وهـ***ـذه السنن التي نابت عن القرآن
ولكم تصانيف الكلام وهذه الـ***آراء وهي كثيرة الهذيان
شبه يكسر بعضها بعضا كبيـ***ـت من زجاج خرّ للأركان
هل ثم شيء غير رأي أو كلا***م باطل أو منطق اليونان
ونقول قال الله قال رسوله*** في كل تصنيف وكل مكان
لكن تقولوا قال ارسطو وقا***ل ابن الخطيب وقال ذو العرفان
شيخ لكم يدعى ابن سينا لم يكن*** متقيدا بالدين والايمان
وخيار ما تأتون قال الأشعر***ي وتشهدون عليه يالبهتان
فالأشعري مقرر لعلو رب الـ***ـعرش فوق جميع ذي الأكوان
في غابية التقرير بالمعقول*** والمنقول ثم بفطرة الرحمن


هذا ونحن تاركو الآراء*** للنقل الصحيح ومحكم الفرقان
لكنكم بالعكس قد صرحتم*** ووضعتم القانون ذا البهتان
والنفي عندكم على التفصيل والـ***إثبات إجمالا بلا نكران
والمثبتون طريقهم نفي على والـ***إجمال والتفصيل بالتبيان
فتدبروا القرآن مع من منكما؟*** وشهادة المبعوث بالقرآن
وعرضتم قول الرسول على الذي*** قال الشيوخ ومحكم الفرقان
فالمحكم النص الموافق قولهم*** لا يقبل التأويل في الأذهان
لكنما النص المخالف قولهم*** متشابه متأول في الأذهان
واذا تأدبتم تقولوا مشكل*** أفواضح يا قوم رأي فلان
والله لو كان الموافق لم يكن متشابها متأولا بلسان


لكن عرضنا نحن أقوال الشيو***خ على الذي جاءت به الوحيان
ما خالف النصين لم نعبأ به*** شيئا وقلنا حسبنا النصان
والمشكل القول المخالف عندنا*** في غاية الاشكال لا التبيان
والعزل والابقاء مرجعه الى الـ*** آرتء عندكم بلا كتمان
لكن لدينا ذاك مرجعه الى***قول الرسول ومحكم القرآن
والكفر والاسلام عين خلافه*** ووفاقه لا غير بالبرهان
والكفر عندكم خلاف شيوخكم*** ووفاقهم فحقيقة الايمان
هذي سبيلكم وتلك سبيلنا*** والموعد الرحمن بعد زمان
وهناك يعلم أي حزبينا على الـ***حق الصريح وفطرة الديان
فالقوم مثلك يألمون ويصبرو***ن وصبرهم في طاعة الشيطان


فصل
في بيان الاستغناء بالوحي المنزل من السماء عن تقليد الرجال والآراء

يا طالب الحق المبين ومؤثرا*** علم اليقين وصحة الايمان
اسمع مقالة ناصح خبر الذي*** عند الورى مذ شب حتى الآن
ما زال مذ عقدت يداه ازاره*** قد شد ميرزه الى الرحمن
وتخلل الفترات للعزمات أمـ***ـر لازم لطبيعة الانسان
وتولد النقصان من فتراته*** أو ليس سائرنا بني النقصان
طاف المذاهب يبتغي نورا ليهديه وينجيه من النيران
وكأنه قد طاف يبتغي ظلمة الـ***ـليل البهيم ومذهب الحيران
والليل لا يزداد الا قوة *** والصبح مقهور بذي السلطان
حتى بدت في سيره نار على*** طور المدينة مطلع الايمان
فأتى ليقبسها فلم يمكنه مع*** تلك القيود منالها بأمان


لولا تداركه الاله بلطفه*** ولى على العقبين ذا نكصان
لكن توقف خاضعا متذللا*** مستشعر الافلاس من أثمان
فأتاه جند حل عنه قيوده*** فامتد حينئذ له الباعان
والله لولا أن تحل قيوده*** وتزول عنه ربقة الشيطان
كان الرقى الى الثريا مصعدا*** من دون تلك النار في الامكان
فرأى بتلك النار آكام المديـ***ـنة كالخيام تشوفها العينان
ورأى هنالك كل هاد مهتد*** يدعو الى الايمان والايقان
فهناك هنأ نفسه متذكرا*** ما قاله المشتاق منذ زمان
والمستهام على المحبة لم يزل*** حاشا لذكراكم من النسيان


لو قيل ما تهوى؟ لقال مبادرا*** أهوى زيارتكم على الأجفان
تالله ان سمح الزمان بقربكم*** وحللت منكم بالمحل الداني
لأغفرن الخد شكرا في الثرى*** ولأكحلن بتربكم أجفاني
ان رمت تبصر ما ذكرت فغض طر***فا عن سوى الآثار والقرآن
واترك رسوم الخلق لا تعبأ بها*** في السعد ما يغنيك عن دبران
حذق لقلبك في النصوص كمثل ما*** قد حذقوا في الرأي طول زمان
وأكحل جفون القلب بالوحيين واحـ***ـذر كحلهم يا كثرة العميان
فالله بين فيهما طرق الهدى*** لعباده في أحسن التبيان
لم يحوج الله الخلائق معهما*** لخيال فلتان ورأي فلان
فالوحي كاف للذي يعنى به*** شاف لداء جهالة الانسان
وتفاوت العلماء في أفهامهم*** للوحي فوق تفاوت الأبدان


والجهل داء قاتل وشفاؤه*** امران في التركيب متفقان
نص من القرآن أو من سنة*** وطبيب ذاك العالم الرباني
والعلم أقسام ثلاث ما لها*** من رابع والحق ذو تبيان
علم بأوصاف الاله وفعله*** وكذلك الأسماء للرحمن
والأمر والنهي الذي هو دينه*** وجزاؤه يوم المعاد الثاني
والكل في القرآن والسنن التي*** جاءت عن المبعوث بالفرقان
والله ما قال امرؤ متحذلق*** بسواهما الا من الهذيان
ان قلتم تقريره فمقرر*** بأتم تقرير من الرحمن
أو قلتم إيضاحه فمبيّن***بأتم إيضاح وخير بيان
أو قلتم إيجازه فهو الذي*** في غاية الايجاز والتبيان
أو قلتم معناه هذا فاقصدوا*** معنى الخطاب بعينه وعيان
أو قلتم نحن التراجم فاقصدوا المـ***ـعنى بلا شطط ولا نقصان
أو قلتم بخلافه فكلامكم*** في غاية الانكار والبطلان


أو قلتم قسنا عليه نظيره***فقياسكم نوعان مختلفان
نوع يخالف نصه فهو المحا***ل وذاك عند الله ذو بطلان
وكلامنا فيه وليس كلامنا*** في غيره أعني القياس الثاني
ما لا يخالف نصه فالناس قد*** عملوا به في سائر الأزمان
لكنه عند الضرورة لا يصار*** اليه الا بعد ذا الفقدان
هذا جواب الشافعي لأحمد*** لله درك من إمام زمان
والله ما اضطر العباد اليه فيـ***ـما بينهم من حادث بزمان
فإذا رأيت النص عنه ساكتا*** فسكوته عفو من الرحمن
وهو المباح إباحة العفو الذي*** ما فيه من حرج  ولا نكران


فأضف الى هذا عموما للفظ والـ***معنى وحسن الفهم في القرآن
فهناك تصبح في غنى وكفاية*** عن كل ذي رأي وذي حسبان


ومقدرات الذهن لم يضمن لنا*** تبيانها بالنص والقرآن
وهي التي فيها اعتراك الرأي من*** تحت العجاج وجولة الأذهان
لكن هنا أمران لو تما لما*** احتجنا اليه فحبذا الأمران
جمع النصوص وفهم معناها المرا***د بلفظها والفهم مرتبتان
احداهما مدلول ذاك اللفظ وضـ***ـعا معا أو لزوما ثم هذا الثاني
فيه تفاوت الفهم تفاوتا*** لم ينضبط أبدا له طرفان
فالشيء يلزمه لوازم جمة*** عند الخبير به وذي العرفان
فبقدر ذاك الخبر يحصي من لوا***زمه وهذا واضح التبيان


ولذلك عرف لكتاب حقيقة*** عرف الوجود جميعه ببيان
وكذاك يعرف جملة الشرع الذي*** يحتاجه الانسان كل زمان
علما بتفصيل وعلما مجملا*** تفصيله أيضا بوحي ثان
وكلاهما وحيان قد ضمنا لنا*** أعلى العلوم بغاية التبيان
ولذاك يعرف من صفات الله  والـ***أفعال والأسماء ذي الاحسان
ما ليس يعرف من كتاب غيره*** أبدا ولا ما قالت الثقلان
وكذاك يعرف من صفات البعث بالتـ***ـفصيل والاجمال في القرآن
ما يجعل اليوم العظيم مشاهدا*** بالقلب كالمشهود رأي عيان
وكذاك يعرف من حقيقة نفسه*** وصفاتها بحقيقة العرفان
يعرف لوزامها ما الذي فيها من الـ***حاجات والاعدام والنقصان
وكذاك يعرف ربه وصفاته*** أيضا بلا مثل ولا نقصان


وهنا ثلاثة أوجه فافطن لها*** إن كنت ذا علم وذا عرفان
ماع بالضد والاولى كذا بالامتناع*** لعلمنا بالنفس والرحمن
فالضد معرفة الاله بضد ما*** في النفس من عيب ومن نقصان
وحقيقة الأولى ثبوت كماله*** إذ كان معطيه على الاحسان


فصل
في بيان شرط كفاية النصين والاستغناء بالوحيين

وكفاية النصين مشروط بتجـ***ـريد التلقي عنها لمعان
وكذاك مشروط بخلع قيودهم*** فقيودهم غلّ الى الأذقان
وكذاك مشروط بهدم قواعد*** ما أنزلت ببيانها الوحيان
وكذاك مشروط بإقدام على *** الآراء ان عريت عن البرهان
بارد والابطال لا تعبأ بها*** شيئا إذا ما فاتها النصان
لولا القواعد والقيود وهذه *** الآراء لاتسعت عرى الايمان
لكنها والله ضيقة العرى***فاحتاجت الأيدي لذاك توان
وتعطلت من أجلها والله أعـ***ـداد من النصين ذات بيان


وتضمنت تقييد مطلقها وإطـ***ـلاق المقيد وهو ذو ميزان
وتضمنت تخصيص ما عمّته والتـ***ـعميم للمخصوص بالأعيان
وتضمنت تفريق ما جمعت وجمـ***ـعا للذي وسمته بالفرقان
وتضمنت تضييق ما قد وسعـ***ـته وعكسه فلننتظر الأمران
وتضمنت تحليل ما قد حرمتـ***ـه وعكسه فلننتظر النوعان
سكتت وكان سكوتها عفوا فلم*** تعف القواعد باتساع بطان
وتضمنت اهدار ما اعتبرت كذا*** بالعكس والأمران محذوران
وتضمنت أيضا شروطا لم تكن*** مشروطة شرعا بلا برهان
وتضمنت أيضا موانع لم تكن*** ممنوعة شرعا بلا تبيان
الا بأقيسة وآراء وتقلـ***ـيد بلا علم أو استحسان


عمن أتت هذي القواعد من جميـ***ـع الصحب والأتباع بالاحسان
ما أسسسوا الا أتباع نبيهم*** لا عقل فلتان ورأي فلان
بل أنكروا الآراء نصحا منهم*** لله والداعي وللقرآن
أو ليس في خلف بها وتناقض*** ما دل ذا لب وذا عرفان
والله لو كانت من الرحكم ما أخـ***ـتلفت ولا انتقضت مدى الأزمان
شبه تهافت كالزجاج تخالها*** حقا وقد سقطت على صفوان
والله لا يرضى بها ذو همة*** علياء طالبة لهذا الشان
فمثالها والله في قلب الفتى*** وثباتها في منبت الايمان
كالزرع ينبت حوله دغل فيمـ***ـنعه النما فتراه ذا نقصان
وكذك الايمان في قلب الفتى*** غرس من الرحمن  في الانسان
والنفس تنبت حوله الشهوات*** والشبهات وهي كثيرة الأفنان
فيعود ذاك الغرس يبسا ذاويا*** أو ناقص الثمرات كل أوان
فتراه يحرث دائبا ومغله*** نزر وذا من أعظم الخسران
والله لو نكش النبات وكان ذا*** بصر لذاك الشوك والسعدان
لأتى كأمثال الجبال مغله*** ولكان لذاك الشوك والسعدان
لأتى كأمثال الجبال مغله*** ولكان أضعافا بلا حسبان




فصل
هذا وليس الطعن بالاطلاق فيـ***ـها كلها فعل الجهول الجاني
بل في التي قد خالفت قول الرسو***ل ومحكم الايمان والفرقان
أو في التي ما أنزل الرحمن في*** تقريرها يا قوم من سلطان
فهي التي كم عطلت من سنة*** بل عطلت من محكم القرآن
هذا وترجو أن واضعها فلا*** يعدوه أجر أو له أجران
اذا قال مبلغ علمه من غير إيـ***ـجاب القبول له على انسان
بل قد نهانا عن قبول كلامه*** نصا بتقليد بلا برهان
وكذاك أوصانا بتقديم النصو***ص عليه من خبر ومن قرآن
نصح العباد بذا وخلص نفسه*** عند السؤال لها من الديان
والخوف كل الخوف فهو على الذي*** ترك النصوص لأجل قول فلان
وإذا بغى الاحسان أولها بما*** لو قاله خصم له ذو شان
لرماه بالداء العضال مناديا*** بفساد ما قد قاله بأذان


فصل
في لازم المذهب هل هو مذهب أم لا؟

ولوازم المعنى تراد بذكره*** من عارف بلزومها الحقاني
وسواه ليس بلازم في حقه*** قصد اللوازم وهي ذو تبيان
اذ قد يكون لزومها المجهول أو*** قد كان يعلمه بلا نكران
لكن عرته غفلة بلزومها*** اذ كان ذا سهوا وذا نسيان
ولذاك لم يك لازما لمذاهب الـ***ـعلماء مذهبهم بلا برهان
فالمقدمون على حكاية ذاك مذ***هبهم أولو جهل مع العدوان
لا فرق بين ظهوره وخفائه*** قد يذهلون عن اللزوم الداني
سيما إذا ما كان ليس بلازم*** لكن يظن لزومه يجنان
لا تشهدوا بالزور ويحكم على*** ما تلزمون شهادة البهتان


بخلاف لازم ما يقول الهنا*** ونبينا المعصوم بالبرهان
فلذا دلالات النصوص جلية*** وخفية تخفى على الأذهان
والله يرزق من يشاء الفهم في*** آياته رزقا بلا حسبان
واحذر حكايات لأرباب الكلا***م عن الخصوم كثيرة الهذيان
فحكوا بما ظنوه يلزمهم فقا***لوا ذاك مذهبهم بلا برهان
كذبوا عليهم باهتين لهم بما*** ظنوه يلزمهم من البهتان
فحكى المعطل عن أولي الاثبات قو***لهم بأن الله ذو جثمان
وحكى لنا المعطل أنهم قلوا بأن الله ليس يرى لنا لنا بعيان
وحكى المعطل أنهم قالوا يجو***ز كلامه من غير قصد معان
وحكى المعطل أنهم قالوا بتحيـ***ـيز الاله وحصره بمكان
وحكى المعطل أنهم قالوا له الـ***أعضاء جل الله عن بهتان
وحكى المعطل أن مذهبهم هو التـ***ـشبيه للخلاق بالانسان
وحكى المعطل عنهم ما لم يقو***لوه لولا أشياخهم بلسان


ظن المعطل أن هذا لازم*** فلذا أتى بالزور والعدوان
فعليه في هذا معاذير ثلا***ث كلها متحقق البطلان
ظن اللزوم وقذفهم بلزومه*** وتمام ذاك شهادة الكفران
يا شاهدا بالزور ويحك لم تخف*** يوم الشهادة سطوة الديان
يا قائل البهتان غط لوازما*** قد قلت ملزوماتها ببيان
والله لازمها انتفاء الذات والـ***أوصاف والأفعال للرحمن
والله لازمها انتفاء الدين والـ***قرآن والاسلام والايمان
ولزوم ذلك بيّن جدا لمن*** كانت له أذنان واعيتان
والله لولا ضيق هذا النظم بيـ***ـنت اللزوم بأوضح التبيان
ولقد تقدم منه ما يكفي لمن*** كانت له عينان ناظرتان
أن الذكي ببعض ذلك يكتفي*** وأخو البلادة ساكن الجبان


يا قومنا اعتبروا بجهل شيوخكم*** بحقائق الايمان والقرآن
أو ما سمعتم قول أفضل وقته*** فيكم مقالة جاهل فتان
ان السموات العلى والأرض قبـ***ـل العرش بالاجماع مخلوقان
والله ما هذي مقالة عالم*** فضلا عن الاجماع كل زمان
من قال ذا قد خالف الاجماع والـ***خبر الصحيح وظاهر القرآن
فانظر الى ما جره تأويل لفـ***ـ؟ الاستواء بظاهر البطلان
زعم المعطل أن تأويل استوى*** بالخلق والاقبال وضع لسان
كذب المعطل ليس ذا لغة الألى*** قد خوطبوا بالوحي والقرآن
فأحاره هذا الى أن قال خلق العـ***ـرش بعد جميع ذي الأكوان
يهينه تكذيب الرسول له وإجـ***ـماع الهداة ومحكم القرآن


فصل 
في الرد عليهم في تكفيرهم أهل العلم والايمان
وذكر انقسامهم الى أهل الجهل والتفريط والبدع والكفران

ومن العجائب أنكم كفرتم*** أهل الحديث وشيعة القرآن
إذ خالفوا رأيا له رأي ينا***قضه لأجل النص والبرهان
وجعلتم التكفير عين خلافكم*** ووفاقكم فحقيقة الايمان
فوفاقكم ميزان دين الله لا*** من جاء بالبرهان والفرقان
ميزانكم ميزان باغ جاهل*** والعول كل العول في الميزان
أهون به ميزان جور عائل*** بيد المطفف ويل ذا الوزان
لو كان ثم حيا وأدنى مسكنه*** من دين أو علم ومن ايمان
لم تجعلوا آراءكم ميزان كفـ***ـر الناس بالبهتان والعدوان
هبكم تأولتم أوساغ لكم أيكفر من يخالفكم بلا برهان
هذه الوقاحة والجراءة والجها***لة ويحكم يا فرقة الطغيان
الله أكبر ذا عقوبة تا***رك الوحيين للآراء والهذيان


لكننا نأتي بحكم عادل*** فيكم لأجل مخافة الرحمن
فاسمع اذا يا منصفا حكميهما*** وانظر إذاﹰ هل يستوي الحكمان
هم عندنا قسمان أهل جهالة*** وذوو العناد وذلك القسمان
جمع وفرق بين نوعيهم هما***في بدعة لا شك يجتمعان
وذوو العناد فأهل كفر ظاهر*** والجاهلون فانهم نوعان
متمكنون من الهدى والعلم بالـ***أسباب ذات اليسير والامكان
لكن الى أرض الجهالة أخلدوا*** واستسهلوا التقليد كالعميان
لم يبذلوا المقدور في إدراكهم*** للحق تهوينا بهذا الشان
فهم الألى لا شك في نفسيقهم*** والكفر  فيه عندنا قولان
والوقف عندي فيهم لست الذي*** بالكفر أنعتهم ولا الايمان
والله أعلم بالبطانة منهم*** ولنا ظهارة حلة الاعلان
لكنهم مستوجبون عقابه*** قطعا لأجل البغي والعدوان


هبكم عذرتم بالجهالة أنكم*** لن تعذروا بالظلم والطغيان
والطعن في قول الرسول ودينه*** وشهادة بالزور والبهتان
وكذلك استحلال قتل مخالفيـ***ـكم قتل ذي الاشراك والعدوان
ان الخوارج ما احلوا قتلهم*** لا لما ارتكبوا من العصيان
وسمعتم قول الرسول وحكمه*** فيهم وذلك واضح التبيان
لكنكم أنتم أبحتم قتلهم*** بوفاق سنته مع القرآن
والله ما زادوا النقير عليهما*** لكن بتقرير مع الايمان
فبحق من قد خصكم بالعلم والتـ***ـحقيق والانصاف والعرفان
أنتم أحق أم الخوارج بالذي*** قال الرسول فأوضحوا ببيان
هم يقتلون لعابد الرحمن بل*** يدعون أهل عبادة الأوثان
هذا وليس أهل تعطيل ولا*** عزل النصوص الحق بالبرهان


فصل

والآخرون فأهل عجز عن بلو***غ الحق مع قصد ومع ايمان
بالله ثم رسوله ولقائه*** وهم إذا ميزتهم ضربان
قوم دهاهم حسن ظنهم بما*** قالته أشياخ ذوو أسنان
وديانة في الناس لم يجدوا سوى*** أقوالهم فرضوا بها بأمان
لو يقدرون على الهدى لم يرتضوا*** بدلا به من قائل البهتان
فأولاء معذورون إن لم يظلموا*** ويكفروا بالجهل والعدوان
والآخرون فطالبوا الحق لـ***ـكن صدهم عن علمه شيئان
مع بحثهم ومصنفات قصدهم*** منها وصولهم الى العرفان
إحداهما طلب الحقائق من سوى*** أبوابها متسوري الجدران
وسلوك طرق غير موصلة الى*** درك اليقين ومطلع الايمان
فتشابهت تلك الأمور عليهم*** مثل اشتباه الطرق بالحيران
فترى أفاضلهم حيارى كلها*** في التيه يقرع ناجذ الندمان
ويقول قد كثرت على الطرق لا ***أدري الطريق الأعظم السلطاني
بل كلهم طرق مخوفات بها ال***آفات حاصلة بلا حسبان
فالوقف غايته وآخر أمره*** من غير شك منه في الرحمن
أو دينه وكتابه ورسوله*** ولقائه وقيامة الأبدان
فأولاء بين الذنب والأجرين أو***إحداهما أو واسع الغفران 


فانظر الى أحكامنا فيهم وقد*** جحدوا النصوص ومقتضى القرآن
وانظر الى أحاكمهم فينا لأجـ***ل خلافهم إذ قاده الوحيان
هل يستوي الحكمان عند الله أو*** عند الرسول وعند ذي إيمان
الكفر حق الله ثم رسوله*** بالنص يثبت لا بقول فلان
من كان رب العالمين وعبده*** قد كفراه فذاك ذو الكفران
فهلم ويحكم نحاكمكم الى*** النصين من وحي ومن قرآن
وهناك يعلم أي حزبينا على*** الكفران حقا أو على الايمان
فليهنكم تكفير من حمت بإسـ***ـلام وإيمان له النصان
لكن غايته كغاية من سوى الـ***ـمعصوم غاية نوع ذا الاحسان
خطأ يصير الأجر أجرا واحدا*** ان فاته من أجله الكفلان
إن كان ذاك مكفرا يا أمة الـ***ـعدوان من هذا على الايمان
قد دار بين الأجر والأجرين والتـ***ـكفير بالدعوى بلا برهان
كفرتم والله من شهد الرسو***ل بأنه حقا على الايمان
ثنتان من قبل الرسول وخصلة *** من عندكم أفأنتما عدلان


فصل
في تلاعب المكفرين لأهل السنة والايمان
بالدين كتلاعب الصبيان

كم ذا التلاعب منكم بالدين والـ***إيمان مثل تلاعب الصبيان
خسفت قلوبكم كما خسفت عقو***لكم فلا تزكو على القرآن
كم ذا تقولوا مجمل ومفصل*** وظواهر عزلت عن الايقان
حتى إذا رأى الرجال أتاكم*** فاسمع لما يوصي بلا برهان
مثل الخفافيش التي ان جاءها*** ضوء النهار ففي كوى الحيطان
عميت عن الشمس المنيرة لا تطيـ***ـق هداية فيها الى الطيران
حتى إذا ما الليل جاء ظلامه*** جالت بظلمته بكل مكان
فترى الموحد حين يسمع قولهم*** ويراهم في محنة وهوان
وارحمتاه لعينه ولأذنه*** يا محنة العينين والأذنان
إن قال حقا كفروه وإن يقو***لوا باطلا نسبوه للايمان
حتى إذا ما رده عادوه مثـ***ـل عداوة الشيطان للانسان


قالوا له خالفت أقوال الشيو***خ ولم يبالوا الخلف للفرقان
خالفت أقوال الشيوخ فأنتم*** خالفتم من جاء بالقرآن
خالفتم قول الرسول وانما*** خالفت من جراه قولا فلان
يا حبذا ذاك الخلاف فإنه*** عين الوفاق لطاعة الرحمن
أو ما علمت بأن أعداء الرسو***ل عليه عابوا الخلف بالبهتان
لشيوخهم ولما عليه قد مضى*** أسلافهم في سالف الأزمان
ما العيب الا في خلاف النص لا*** رأي الرجال وفكرة الأذهان
أنتم تعيبونا بهذا وهو من*** توفيقنا والفضل للمنان
فليهنكم خلف النصوص ويهننا*** خلف الشيوخ أيستوي الخلفان
والله ما تسوى عقول جميع أهـ***ـل الآرض نصا صح ذا تبيان
حتى نقدمها عليه معرضـ***ـين مؤولين محرّفي القرآن
والله أن النص فيما بيننا*** لأجل من آراء كل فلان


والله لم ينقم علينا منكم*** أبدا خلاف النص من انسان
لكن خلاف الأشعري بزعمكم*** وكذبتم أنتم على الانسان
كفرتم من قال ما قد قاله*** في كتبه حقا بلا كتمان
هذا وخالفناه في القرآن مثـ***ـل خلافكم الفوق للرحمن
فالأشعري مصرح بالاستوا***ء وبالعلو بغاية التبيان
ومصرح أيضا بإثبات اليدين ووجـ***ـه رب العرش ذي السلطان
ومصرح أيضا بأن لربنا*** سبحانه عينان ناظرتان
ومصرح أيضا باثبات النزو***ل لربنا نحو الرفيع الداني
ومصرح أيضا بأثبات الأصا***بع مثل ما قد قال ذو البرهان
ومصرح أيضا بأن الله يو***م الحشر يبصره أولو الايمان
جهرا يرون الله فوق سمائه*** رؤيا العيان كما يرى القمران
ومصرح أيضا باثبات المجـ***ـيء وأنه يأتي بلا نكران
ومصرح بفساد قول مؤول*** للاستواء بقهر ذي سلطان
وصرح أن الألى قد قالوا بذا التـ***ـأويل أهلا ضلالة ببيان
ومصرح أن الذي قد قاله*** أهل الحديث وعسكر القرآن
هو قوله*** يلقى عليه ربه*** وبه يدين الله كل أوان

لكنه قد قال أن كلامه*** معنى يقوم بربنا الرحمن
في القول خالفناه نحن وأنتم*** في الفوق والأوصاف للديان
لم كان نفس خلافنا كفرا وكا***ن خلافكم هو مقتضى الايمان
هذا وخالفتم لنص حين خا***لفنا لرأي الجهم ذي البهتان
والله ما لكم جواب غير تكـ***ـفير بلا علم ولا إيقان
أستغفر الله العظيم لكم جوا***ب غير ذا الشكوى الى السلطان
فهو الجواب لديكم ولنحن منـ***ـتظروه منكم يا أولي البرهان
والله لا للأشعري تبعتم*** كلا ولا للنص بالاحسان
يا قوم فانتبهوا لأنفسكم وخلـ***ـوا الجهل والدعوى بلا برهان
ما في الرياسة بالجهالة غير ضحـ***ـكة عاقل منكم مدى الأزمان
لا ترتضوا برياسة البقر التي*** رؤساؤها من جملة الثيران


فصل
في ان اهل الحديث هم أنصار سول الله صلى الله عليه وسلم
ولا يبغض الأنصار رجلا يؤمن بالله واليوم الآخر

يا مبغضا أهل الحديث وشاتما*** أبشر بعقد ولاية الشيطان
أو ما علمت بأنهم أنصار ديـ***ـن الله والايمان والقرآن
أو ما علمت بأن أنصار الرسو***ل هم بلا شك ولانكران
هل يبغض الأنصار عبد مؤمن*** أو مدرك لروائح الايمان
شهد الرسول بذاك وهي شهادة*** من أصدق الثقلين بالبرهان
أو ما علمت بأن خزرج دينه*** والأوس هم أبدا بكل زمان
ما ذنبهم إذ خالفوك لقوله*** ما خالفوه لأجل قول فلان
لو وافقوك وخالفوه كنت تشـ***ـهد أنهم حقا أولو الايمان
لما تحيّزتم الى الأشياخ وانـ***ـحازوا الى المبعوث بالقرآن
نسبوا اليه دون كل مقالة*** او حالة أو قائل ومكان
هذا انتساب أولى التفريق نسبته*** من أربع معلومة التبيان
فلذا غضبتم حينما انتسبوا الى*** خبر الرسول بنسبة الاحسان
فوضعتم لهم من باب الألقاب ما*** تستقبحون وذا من العدوان
هم يشهدونكم على بطلانها*** أفتشهدونهم على البطلان
ما ضرهم والله بغضكم لهم*** إذ وافقوا حقا رضا الرحمن


يا من يعاديهم لأجل مآكل*** ومناصب ورياسة الاخوان
تهنيك هاتيك العداوة كم بها*** من جسرة ومذلة وهوان
ولسوف تجني غيها والله عن*** قرب وتذكر صدق ذي الايمان 
فإذا تقطعت الوسائل وانتهت*** تلك المآكل في سريع زمان
هناك تقرع سن ندمان على التـ*** ـفريط وقت السير والامكان
وهناك تعلم ما بضاعتك التي*** حصلتها في سالف الأزمان
الا الوبال عليك والحسرات والـ***خسران عند الوضع في الميزان
قيل وقال ما له من حاصل*** إلا العناء وكل ذي الأذهان
والله ما يجدي عليك هنالك الا*** ذا الذي جاءت به الوحيان
والله ما ينجيك من سجن الجحيـ***ـم سوى الحديث ومحكم القرآن
والله ليس الناس الا أهله*** وسواهم من جملة الحيوان


ولسوف تذكر بر ذي الايمان عن*** قرب وتقرع ناجذ الندمان
رفعوا به رأسا ولم يرفع به*** أهل الكلام ومنطق اليونان
فهم كما قال الرسول ممثلا*** بالماء مهبطة على القيعان
لا الماء تمسكه ولا كلأ بها*** يرعاه ذو كبد من الحيوان
هذا اذا لم يحرق الزرع الذي*** بجوارها بالنار أو بدخان
والجاهلون بذا وهذا هم زوا***ن الزرع أي والله شر زوان
وهم لدى غرس الاله كمثل غر***س الدلب بين مغارس الرمان
يمتص ماء لزرع مع تضييقه*** أبدا عليه وليس ذا قنوان
ذا حالهم مع حال أهل العلم انـ***ـصار الرسول فوراس الايمان
فعليه من قبل الاله تحية*** والله يبقيه مدى الأزمان


لولاه ما سقى الغراس فسوق ذا*** ك الماء للدلب العظيم الشان
 فالغرس جلب كله وهو الذي*** يسقى ويحفظ عند أهل زمان
فالغرس في تلك الحضارة شارب*** فضل المياه مصاوه البستان
لكنما البلوى من لحطاب قطـ***ـاع الغراس وعاقر الحيطان
بالفوس يضرب في أصول الغرس كي*** يجتثها ويظن ذا احسان
ويظل يحلف كاذبا لم أعتمد*** في ذا سوى التثبيت للعيدان
يا خيبة البستان من حطابه*** ما بعد ذا الحطاب من بستان
في قلبه غل على البسـ***ـتان فهو موكل بالقطع كل أوان
فالجاهلون شرار أهل الحق والـ***علماء سادتهم أولو الاحسان
والجاهلون خيار أحزاب الضلا***ل وشيعة الكفران والشيطان
وشرارهم علماؤهم هم شر خلـ***ـق الله آفة هذه الأكوان





فصل
في تعيين الهجرة من الآراء والبدع الى سنته
كما كانت فرضا من الأمصار الى بلدته عليه السلام

يا قوم فرض الهجرتين بحاله*** والله لم ينسخ الى ذا الآن
فالهجر الأول الى الرحمن بالـ***إخلاص  في سر وفي اعلان
حتى يكون القصد وجه اله بالـ***أقوال والأعمال والايمان
ويكون كل الدين للرحمن ما***لسواه شيء فيه من إنسان
والحب والبغض اللذان هما لـ***ـكل ولاية وعداوة أصلان
لله أيضا هكذا الاعطاء والمنـ***ـع اللذان عليهما يقفان
والله هذا شطر دين الله*** والتحيكم للمختار شطر ثان
وكلاهما الاحسان لمن يتقبل الرح***من من سعي بلا احسان
والهجرة الأخرى الى المبعوث بالـ***إسلام والايمان والاحسان
أترون هذي هجرة الأبدان لا*** والله بل هي هجرة الايمان
قطع المسافة بالقلوب اليه في*** درك الأصول مع الفروع وذان
أبدا اليه حكمها لا غيره*** فالحكم ما حكمت به النصان


يا هجرة طالت مسافتها على*** من خص بالحرمان والخذلان
يا هجرة طالت مسافتها على*** كسلان منخوب الفؤاد جبان
يا هجرة والعبد فوق فراشه*** سبق السعادة لمنزل الرضوان
ساروا أحث السير وهو فسيره*** سير الدلال وليس بالذملان
هذا وتنظره أمام الركب كالعـ***ـلم العظيم يشاف في القيعان
رفعت له أعلام هاتيك النصو***ص رؤؤوسها شابت من النيران
نار هي النور المبين ولم يكن*** ليراه إلا من له عينان
محكولتان بمرود الوحيين لا*** بمراود الآراء والهذيان
فلذاك شمر نحوها لم يلتفت*** لا عن شمائله ولا أيمان
يا قوم لو هاجرتم لرأيتم*** أعلان طيبة رؤية بعيان
ورأيتم ذاك اللواء وتحته الرسـ***ـل الكرام وعسكر القرآن
أصحاب بدر والألى قد بايعوا*** أزكى البرية بيعة الرضوان
وكذا المهاجرة الألى سبقوا كذا الـ***أنصار أهل الدار والايمان
والتابعون لهم باحسان وسا***لك هديهم أبدا بكل زمان


لكن رضيتم بالأماني وابتليـ***ـتم بالحظوظ ونصرة الاخوان
بل غركم ذاك الغرور وسولت***لكم النفوس وساوس الشيطان
ونبذتم غسل النصوص وراءكم*** وقنعتم بقطارة الأذهان
وتركتم الوحيين زهدا فيهما*** ورغبتم في رأي كل فلان
وعزلتم النصين عما وليا*** للحكم فيه عزل ذي عدوان
وزعمتم أن ليس يحكم بيننا*** الا العقول ومنطق اليونان
فهما بحكم الحق أولى منهما*** سبحانك اللهم ذا السبحان
حتى إذا انكشف الغطاء وحصلت*** أعمال هذا الخلق في الميزان
وإذا انجلى هذا الغبار وصار ميـ***ـدان السباق تناله العينان
وبدت على تلك الوجوه سماتها*** وسم المليك القادر الديان
مبيضة مثل الرياض بجنة*** والسود مثل الفحم للنيران
فهناك يعلم كل راكب ما تحته*** وهناك يقرع ناجذ الندمان
وهناك تعلم كل نفس ما الذي*** معها من الأرباح والخسران
وهناك يعلم مؤثر الآراء والشـ***ـطحات والهذيان والبطلان
أي البضائع قد أضاع وما الذي*** منها تعوض في الزمان الفاني


سبحان رب الخلق قاسم فضله*** والعدل بين الناس في بالميزان
لو شاء كان الناس شيئا واحدا*** ما فيهم من تائه جيران
لكنه سبحانه يختص بالفضـ***ـل العظيم خلاصة الانسان
وسواهم لا يصلحون لصالح*** كالشوك فهو عمارة النيران
وعمارة الجنات هم أهل الهدى*** الله أكبر ليس يستويان
فسل الهداية من أزمة أمرنا*** بيديه مسألة الذليل العاني
وسل العياذ من اثنتين هما اللتا***ن بهلك هذا الخلق كافلتان
شر النفوس وسيء الأعمال ما*** والله أعظم منهما شران
ولقد أتى هذا التعوذ منهما*** في خطبة المبعوث بالقرآن
لو كان يدري العبد أن مصابه*** في هذه الدنيا هما الشران
جعل التعوذ منهما ديدانه*** حتى تراه داخل الأكفان
وسل العياذ من التكبر والهوى*** فهما لكل الشر جامعتان
وهما يصدان الفتى عن كل طر***ق الخير إذ في قلبه يلجان
فتراه يمنعه هواه تارة*** والكبر أخرى ثم يشتركان
والله ما في النار إلا تابع*** هذين فاسأل ساكني النيران
والله لو جردت نفسك منهما*** لأتت اليك وفود كل تهان


فصل
في ظهور الفرق المبين بين دعوة الرسل ودعوة المعطلين

والفرق بين الدعوتين فظاهر*** جدا لمن كانت له أذنان
فرق مبين ظاهر لا يختفي*** إيضاحه الا على العميان
فالرسل جاؤونا بإثبات العلو*** لربنا من فوق كل مكان
وكذا أتونا بالصفات لربنا*** الرحمن تفصيلا بكل بيان
وكذاك قالوا أنه متكلم*** وكلامه المسموع بالآذان
وكذاك قالوا أنه سبحانه*** المرئي يوم لقائه بعيان
وكذاك قالوا أنه الفعال حقـ***ـا كل يوم ربنا في شان
وأتيتمونا أنتم بالنفي والتـ***ـعطيل بل بشهادة الكفران
للمثبتين صفاته وعلوه*** ونداءه في عرف كل لسان
شهدوا بإيمان المقر بأنه*** فوق السماء مباين الأكوان
وشهدتم أنتم بتمفير الذي*** قد قال ذلك يا أولي العدوان


وأتى بأين الله اقرارا ونطـ***ـقا قلتم هذا من البهتان
فسلوا لنا بالأين مثل سؤالنا*** ما الكون عندكم هما شيئان
وكذا أتونا بالبيان فقلتم*** باللغز أين اللغز من تبيان
إذ كان مدلول الكلام ووضعه*** لم يقصدوه بنطقهم بلسان
والقصد منه غير مفهوم به*** ما اللغز عند الناس إلا ذان
يا قوم رسل الله أعرف منكم*** وأتم نصحا في كمال بيان
اترونهم قد ألغزوا التوحيد إذ*** بينتموه يا أولي العرفان
أترونهم قد أظهروا التشبيه وهـ***ـو لديكم كعبادة الأوثان
ولأي شيء صرحوا بخلافه*** تصريح تفصيل بلا كتمان
ولأي شيء بالغوا في الوصف با***لإثبات دون النفي كل زمان


ولأي شيء أنتم بالغتم*** في النفي والتعطيل بالقفزان
فجعلتم نفي الصفات مفصلا*** تفصيل نفي العيب والنقصان
وجعلتم الاثبات أمرا مجملا*** عكس الذي قالوه بالبرهان
أتراهمعجزوا عن التبيان واسـ***توليتم أنتم على التبيان
أترون أفراخ اليهود وأمـ***ـة التعطيل والعبّاد للنيران
ووقاح أرباب الكلام الباطل المـ***ـذموم عند أئمة الايمان
من كل جهمي ومعتزل ومن*** والاهما من حزب جنكسخان
بالله أعلم من جميع الرسل والتـ***ـوراة والانجيل والقرآن
فسلوهم بسؤال كتبهم التي*** جاءوا بها عن علم هذا الشأن
وسلوهم هل ربكم في أرضه*** أو في السماء وفوق كل مكان
أم ليس من ذا كله شيء فلا*** هو داخل أو خارج الأكوان
فالعلم والتبيان والنصح الذي*** فيهم يبين الحق كل بيان
لكنما الألغاز والتلبيس والـ***ـكتمان فعل معلم شيطان


فصل
في شكوى أهل السنة والقرآن اهل التعطيل والآراء المخالفين للرحمن

يا رب هم يشكوننا أبدا** ببغيهم وظلمهم الى السلطان
ويلبسون عليه حتى أنه*** ليظنهم هم ناصرو الايمان
فيرونه البدع المضلة في قوا***لب سنة نبوية وقرآن
ويرونه الاثبات للأوصاف في*** أمر شنيع ظاهر النكران
فيلبسون عليه تلبيسين لو*** كشفنا له باداهم بطعان
يا فرقة التلبيس لا حييتم*** ابدا وحييتم بكل هوان
لكننا نشكوهم وصنيعتهم*** أبدا اليك فأنت ذو السلطان
فاسمع شكايتنا وأشك محقتنا*** والمبطل اردده عن البطلان
راجع به سبل الهدى والطف به*** حتى تريه الحق ذا تبيان
وارحمه وارحم سعيه المسكين قد*** ضل الطريق وتاه في القيعان


يا رب قد عم المصاب بهذه الآ***راء والشطحات والبهتان
هجروا لها الوحيين والفطرات والآثار لم يعبوا بذا الهجران
قالوا وتلك ظواهر لفظية*** لم تغن شيئا طالب البرهان
فالعقل أولى أن يصار اليه من*** هذه الظواهر عند ذي العرفان
ثم ادعى كل بأن العقل ما*** قد قلته دون الفريق الثاني
يا رب قد خار العباد بعقل من*** يزنون وحيك فائت بالميزان
وبعقل من يفقضي عليك فكلهم*** قد جاء بالمعقول والبرهان
يا رب ارشدنا الى معقول من*** يقع التحاكم أننا خصمان
جاءوا بشبهات وقالوا أنها*** معقولة ببدائه الأذهان
وكل يناقض بعضه بعضا وما*** في الحق معقولان مختلفان
قضوا بها كذبا علي وجرأة*** منهم وما التفتوا الى القرآن


يا رب قد أوهى النفاة حبائل القرآن والآثار والايمان
يا رب قد قلب النفاة الدين والا***يمان ظهر منه فوق بطان
يارب قد بغت النفاة وأجلبوا*** بالخيل والرجل الحقير الشان
نصبوا الحبائل والغوائل للألى*** أخذوا بوحيك دون قول فلان
ودعوا عبادك أن يطيعوهم فمن*** يعصيهم ساموه شر هوان
وقضوا على من لم يقل بضلالهم*** باللعن والتضليل والكفران
وقضوا على أتباع وحيك بالذي*** هم أهله لا عسكر الفرقان
وقضوا بعزلهم وقتلهم وحبـ***ـسهم ونفيهم عن الأوطان
وتلاعبوا بالدين مثل تلاعب الـ***ـحمر التي نفرت بلا أرسان
حتى كأنهم تواصوا بينهم*** يوصي بذلك أول للثاني

هجروا كلامك مبتدع لمن*** قد دان بالآثار والقرآن
فكأنه فيما لديهم مصحف*** في بيت زنديق أخي كفران
أو مسجد بجوار قوم همهم*** في الفسق لا في طاعة الرحمن
وخواصهم لم يقرءوه تدبرا*** بل للتبرك لا لفهم معان
وعوامهم في الشع أو في ختمة*** أو تربة عوضا لذي الأثمان
هذا وهم حرفية التجويد أو*** صوتية الأنغام والألحان
يا رب قد قالوا بأن مصاحف الا***سلام ما فيها من القرآن
الا المداد وهذه الأوراق والجلد الذي قد سل من حيوان
والكل مخلوق ولست بقائل*** أصلا ولا حرفا من القرآن
ان ذاك الا قول مخلوق وهل*** هو جبريل أو الرسول فذان
قولان مشهوران قد قالتهما*** أشياخهم يا محنة القرآن
لو داسه رجل لقالوا لم يطأ*** الا المداد وكاغد الانسان


يا رب زالت حرمة القرآن من*** تلك القلوب وحرمة الايمان
وجرى على الأفواه منهم قولهم*** ما بيننا لله من قرآن
منا بيننا الا الحكاية عنـ***ـه والتعبير ذاك عبارة بلسان
هذا وما التالون عمالا به*** إذ هم قد استغنوا بقول فلان
ان كان قد جاز الحناجر منهم*** فبقدر ما عقلوا من القرآن
والباحثون فقدموا رأي الرجا***ل عليه تصريحا بلا كتمان
عزلوه إذ ولوا سواه وكان ذا***ك العزل قائدهم لى الخذلان
قالوا ولم يحصل لنا منه يقيـ***ـن فهو معزول عن الايقان
إن اليقين قواطع عقلية*** ميزانها هو منطق اليونان
هذا دليل الرفع منه وهذه*** أعلامه في آخر الأزمان
يا رب من أهلوه حقا كي يرى*** إقدامهم منا على الأذقان
أهلوه نت لا يرتضي منه بديـ***ـلا فهو كافيهم بلا نقصان
وهو الدليل لهم وهاديهم الى الـ***إيمان والايقان والعرفان
هو موصل لهم الى درك اليقيـ***ـن حقيقة وقواطع البرهان
يا رب نحن العاجزون بحبهم*** يا قلة الأنصار والأعوان


فصل
في أذان أهل السنة الاعلام بصريحها جهرا
على رءوس منابر الاسلام

يا قوم قد حانت صلاة الفجر فانتبهوا فإني معلن بأذان
لا بالملحن والمبدل ذاك بل***تأذين حق واضح التبيان
وهو الذي حقا اجابته على*** كل مارئ فرض على الأعيان
الله أكبر أن يكون كلامه الـ***ـعربي مخلوقا من الأكوان
والله أكبر أن يكون رسوله الـ***ملكي أنشأه عن الرحمن
والله أكبر أن يكون رسوله البـ***ـشري أنشأه لنا بلسان
هذي مقالات لكم يا أمة التـ***ـشبيه ما أنتم على إيمان
شبهتم الرحمن بالأوثان في*** عدم الكلام وذاك للأوثان
مما يدل بأنها ليست بآ***لهة وذا البرهان في الفرقان
في سورة الأعراف مع طه وثا***لثها فلا تعدل عن القرآن
أفصح أن الجاحدين لكونه*** متكلما بحقيقة وبيان
هم أهل تعطيل وتشبيه معا*** بالجامدات عظيمة النقصان


لا تقذفوا بالداء منكم يا شيعة الر***حمن أهل العلم والعرفان
إن الذي نزل الأمين به على*** قلب الرسول الواضح البرهان
هو قول ربي اللفظ والمعنى جميـ***ـعا إذ هما أخوان مصطحبان
لا تقطعوا رحما تولى وصلها*** الرحمن وتنسلخوا من الايمان
ولقد شفانا قول شاعرنا الذي*** قال الصواب وجاء بالاحسان
إن الذي هو في المصاحف مثبت*** بأنامل الأشياخ والشبان
هو قول ربي آية وحروفه *** ومدادنا والرق مخلوقان


والله أكبر من على العرش استوى*** لكنه استولى على الأكوان
والله أكبر ذو المعارج من اليـ***ـه تعرج الأملاك كل أوان
والله أكبر من يخاف جلاله*** املاكه من فوقهم ببيان
والله أكبر من غدا لسريره*** أط به كالرحل للركبان
والله أكبر من أتانا قوله*** من عنده من فوق ست ثمان
نزل الأمين به بأمر الله من*** رب على العرش استوى الرحمن
والله أكبر قاهر فوق العبا***د فلا تضع فوقية الرحمن
من كل وجه تلك ثابتة له*** لا تهضموها يا أولي البهتان
قهرا وقدرا واستواء الذات فو***ق العرش بالبرهان
فبذاته خلق السموات العلى***ثم استوى بالذات فافهم ذان
فضمير فعل الاستواء يعود للـ***ـذات التي ذكرت بلا فرقان
هو ربنا خالق هو مستو*** بالذات هذي كلها بوزان


والله أكبر ذو العلو المطلق الـ***ـمعلوم بالفطرات والايمان
فعلوه من كل وجه ثابت*** فالله أكبر جل ذو السلطان
والله أكبر من رقا فوق الطبا***ق رسوله فدنا من الديان
واليه قد صعد الرسول حقيقة*** لا تنكروا المعراج بالبهتان
ودنا من الجبار جل جلاله*** ودنا اليه الرب ذو الاحسان
والله قد أحصى الذي قد قلتم*** في ذلك المعراج بالميزان
قلتم خيالا أو أكاذيبا او الـ***معراج لم يحصل الى الرحمن
إذا كان ما فوق السموات العلى *** رب اليه منتهى الانسان


والله أكبرمن أشار رسوله*** حقا اليه بإصبع وبنان
في مجمع الحج العظيم بموقف*** دون المعرف موقف الغفران
من قال منكم من أشار بأصبع*** قطعت فعند الله يجتمعان
والله أكبر ظاهر ما فوقه*** شيء وشأن الله أعظم شان
والله أكبر عرشه وسع السما*** والأرض والكرسي ذا الأركان
وكذلك الكرسي قد وسع الطبا***ق السبع والأرضين بالبرهان
فوق العرش والكرسي لا*** يخفى عليه خواطر الانسان
لا تحصروه في مكان إذ تقو***لوا ربنا حقا بكل مكان
نزهتموه بجهلكم عن عرشه*** وحصرتمونه في مكان ثان
لا تقدموه بقول داخل*** فينا ولا هو خارج الأكوان
الله أكبر هتكت أستاركم*** وبدت لمن كانت له عينان


والله أكبر جل عن شبه وعن*** مثل وعن تعطيل ذي كفران
والله أكبر من له الأسماء والـ*** أوصاف كاملة بلا نقصان
والله أكبر جل عن ولد وصا***حبة وعن كفء وعن آخذان
والله أكبر جل عن شبه الجما***د كقول ذي التعطيل والكفران
هم شبهوه بالجماد وليتهم*** قد شبهوه بكامل ذي شأن
الله أكبر جل عن شبه العبا***د فذان تشبيهان ممتنعان
والله أكبر واحد صمد فكـ***ـل الشأن في صمدية الرحمن
نفت الولادة والأبوة عنه والـ***كفء الذي هو لازم الانسان
وكذاك أثبتت الصفات جميعها*** لله سالمة من النقصان
واليه يصمد كل مخلوق فلا*** صمد سواه عز ذو السلطان
 لا شيء يشبهه تعالى كيف يشبـ***ـهه خلقه ما ذاك في إمكان
لكن ثبوت صفاته وكلامه*** وعلوه حقا بلا نكران
لا تجعلوا الاثبات تشبيها له*** يا فرقة التشبيه والطغيان
كم ترتقون بسلم التنزيه للتـ***ـعطيل ترويجا على العميان
فالله أكبر أن يكون صفاته*** كصفاتنا جل العظيم الشان
هذا هو التشبيه لا إثبات أو***صاف الكمال فما هما سيان


فصل
في تلازم التعطيل والشرك

واعلم بأن الشرك والتعطيل مذ*** كانا هما لا شك مصطحبان
أبدا فكل معطل هو مشرك*** حتما وهذا واضح التبيان
فالعبد مضطر الى من يكشف البـ***ـلوى ويغني فاقة الانسان
واليه يصمد في الحوائج كلها*** واليه يفزع طالب لأمان
فإذا انتفت أوصافه وفعاله*** وعلوه من فوق كل مكان
فزع العباد الى سواه وكان ذا*** من جانب التعطيل والنكران
فمعطل الأوصاف ذاك معطل التـ***وحيد حقا ذان تعطيلان
قد عطلا بلسان كل الرسل من*** نوح الى المبعوث بالقرآن
والناس في هذا ثلاث طوائف*** ما رابع  بذي امكان
احدى الطوائف مشرك بإلهه*** فإذا دعاه إلها ثان
هذا وثاني هذه الأقسام ذا*** لك جاحد يدعو سوى الرحمن
هو جاحد للرب يدعو غيره*** شركا وتعطيلا له قدمان


هذا وثالث هذه الأقسام خير الـ***ـخلق ذاك وخلاصة الانسان
يدعو الاله الحق لا يدعو سوا*** قط في الأشياء والأكوان
يدعوه في الرغبات والرهبان والـ***ـحالات من سر ومن اعلان
توحيده نوعان علمي وقصـ***ـدي كما قد جرد النوعان
في سورة الاخلاص مع تال لنثـ***ـر الله قل يا أيها ببيان
ولذاك قد شرعا بسنة فجرنا*** وكذاك سنة مغرب طربفان
ليكون مفتتح النهار وختمه*** تجريدك التوحيد للديان
وكذاك قد شرعا بخاتم وترنا***ختما لسعي الليل بالآذان
وكذاك قد شرعا بركعتي الطوا***ف وذاك تحقيق لهذا الشان
فهما إذا أخوان مصطحبان لا*** يتفارقان وليس ينفصلان
فمعطل الأوصاف ذو شرك كذا*** ذو الشرك فهو معطل الرحمن
أو بضع أوصاف الكمال له فحقـ***ـق ذا ولا تسرع الى نكران


فصل
في بيان أن المعطل شر من المشرك

لكن أخو التعطيل شر من أخي الـ***إشراك بالمعقول والبرهان
إن المعطل جاحد للذات أو*** لكمالها هذان تعطيلان
متضمنان القدح في نفس الألو***هة كم بذاك القدح من نقصان
والشرك فهو توسل مقصوده الز***لفى من الرب العظيم الشان
بعبادة المخلوق من حجر ومن*** بشر ومن قبر ومن أوثان
فالشرك تعظيم بجهل من قيا***س الرب بالأمران والسلطان
ظنوا بان الباب لا يغشى بدو***ن توسط الشفعاء والأعوان
ودهاهم ذاك القياس المستبين*** فساده ببداهة الانسان


الفرق بين الله والسلطان من***كل الوجوه لمن له أذنان
إن الملوك لعاجزون وما لهم*** علم بأحوال الدعا بأذان
كلا ولا هم قادرون على الذي*** يحتاجه الانسان كل زمان
كلا وما تلك الارادة فيهم*** لقضا حوائج كل ما انسان
كلا ولا وسعوا الخليقة رحمة*** من كل وجه هم أولو النقصان
فلذلك احتاجوا الى تلك الوسا***ئط حاجة منهم مدى الأزمان
أما الذي هو عالم للغيب مقـ***ـتدر على ما شاء ذو إحسان
وتخافه الشفعاء ليس يريد منـ***ـهم حاجة جل العظيم الشأن
بل كل حاجات لهم فاليه لا*** لسواه من ملك ولا انسان


وله الشفاعة كلها وهو الذي***في ذاك يأذن للشفيع الداني
لمن ارتضى ممن يوحده***ولم***يشرك به شيئا لما قد جاء في القرآن
سبقت شفاعته اليه فهو مشـ***ـفوع اليه وشافع ذو شان
فلذا أقام الشافعين كرامة*** لهم ورحمة صاحب العصيان
فالكل منه بدا ومرجعه اليـ***ـه وحده ما من اله ثان
غلط الألى جعلوا الشفاعة من سوا***ه اليه دون الاذن من رحمن
هذي شفاعة كل ذي شرك فلا*** تعقد عليها يا أخا الايمان
والله في القرآن أبطلها فلا*** تعدل عن الآثار والقرآن


وكذا الولاية كلها لله لا*** لسواهمن ملك ولا إنسان
والله لم يفهم أولو الاشراك ذا***ورآه تنقيصا أولو النقصان
إذ قد تضمن عزل من يدّعي سـ***ـوى الرحمن بل أحدية الرحمن
بل كل مدعو سواه من لدن*** عرش الاله الى الحضيض الداني
هو باطل في مفسه ودعاه عا***بدع له من أبطل البطلان
فله الولاية والولاية ما لنا*** من دونه وال من الأكوان
فإذا تولاه امرؤ دون الورى***طرا تولاه العظيم الشان
وإذا تولى غيره من دونه*** ولاه ما يرضى به لهوان
في هذه الدنيا وبعد مماته*** وكذاك عند قيامة الأبدان
حقا يناديهم ندا سبحانه*** يوم المعاد فيسمع الثقلان


يا من يريد ولاية الرحمن دو***ن ولاية الشيطان والأوثان
فارق جميع الناس في إشراكهم*** حتى تنال ولاية الرحمن
يكفيك من وسع الخلائق رحمة*** وكفاية ذو الفضل والاحسان
يكفيك رب لم تزل ألطافه*** تأتي اليك برحمة وحنان
يكفيك رب لم تزل في ستره*** ويراك حين تجيء بالعصيان
يكفيك رب لم تزل في حفظه*** ووقاية منه مدى الأزمان
يكفيك رب لم تزل في فضله*** متقلبا في السر والاعلان


يدعوه أهل الأرض مع أهل السما***ء فكل يوم ربنا في شان
وهو الكفيل بكل ما يدعونه*** لا يعتري جدواه من نقصان
فتوسط الشفعاء والشركاء والظـ***ـهراء أمر بيّن البطلان
ما فيه الا محض تشبيه لهم*** بالله وهو فأقبح البهتان
ما قصدهم تعظيمه سبحانه*** ما عطلوا الأوصاف للرحمن
لكن أخو التعطيل ليس لديه*** الا النفي أين النفي من إيمان
والقلب ليس يقرّ الا بالتعبـ***ـد فهو يدعوه الى الأكوان
فترى المعطل دائما في حيرة*** متنقلا في هذه الأعيان
يدعو الها ثم يدعو غيره*** ذا شأنه أبدا مدى الأزمان
ونرى الموحد دائما متنقلا*** بمنازل الطاعات والاحسان
ما زال ينزل في الوفاء منازلا*** وهس الطريق له الى الرحمن
لكنما معبوده هو واحد*** ما عنده ربان معبودان


فصل
في مثل لمشرك والمعطل

أين الذي قد قال في ملك عظيـ***ـم لست فينا قط ذا سلطان
ما في صفاتك من صفات الملك شيء كلها مساوية الوجدان
فهل استويت على سرير الملك أو*** دبرت أمر الملك والسلطان
أو قلت مرسوما تنفذه الرعا***يا أو نطقت بلفظة ببيان
أو كنت ذا أمر وذا نهي وتكـ***ـليم لمن وافى من البلدان
أو كنت ذا سمع وذا بصر وذا*** علم وذا سخط وذا رضوان
أو كنت قط مكلما متكلما***متصرفا بالفعل كل زمان
أو كنت تفعل ما تشاء حقيقة الـ***ـفعل الذي قد قام بالأذهان
أو كنت حيا فاعلا بمشيئة*** وبقدرة أفعال ذي السلطان
فعل يقوم بغير فاعله محا***ل غير معقول لذي الانسان
بل حالة الفعال قبل ومع وبعـ***ـد هي كالتي كانت بلا فرقان
والله لست بفاعل شيئا إذا*** ما كان شأنك منك هذا الشان
لا داخلا فينا ولا بخارج*** عنا خيالا درت في الأذهان
فبأي شيء كنت فينا مالكا*** ملكا مطاعا قاهر السطان
اسما ورسما لا حقيقة تحته*** شأن الملوك أجل من ذا الشأن


هذا وثان وقال أنت مليكنا*** وسواك لا نرضاه من سلطان
إذ حزت أوصاف الكمال جميعها*** ولأجل ذا دانت لك الثقلان
وقد استويت على سري الملك واسـ***ـتوليت مع هذا على البلدان
لكن بابك ليس يغشاه امرؤ*** إن لم يجيء بالشافع المعوان
ويذلّ للبواب والحجاب والشـ***ـفعاء أهل القريب والاحسان
أفيستوي هذا وهذا عندكم*** والله ما استويا لدى انسان
والمشركون أخف في كفرانهم*** وكلاهما من شيعة الشيطان
إن المعطل بالعداوة قائم*** في قالب التنزيه للرحمن


فصل
فيما أعد الله تعالى من الاحسان للمتمسكين بكتابه
وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عن فساد الزمان

هذا وللمتمسكين بسنة المختار عند فساد ذي الأ.مان
أجر عظيم ليس يقدر قدره*** الا الذي أعطاه للانسان
فروى أبو داود في سنن له***ورواه أيضا أحمد الشيباني
أثرا تضمن أجر خمسين أمرا*** من صحب أحمد خيرة الرحمن
اسناده حسن ومصداق له*** في مسلم فافهمه بالاحسان
ان العبادة وقت هرج هجرة*** حقا الىّ وذاك ذو برهان
هذا وكم من هجرة لك أيها السـ***ـني بالتحقيق لا بأماني
هذا وكم من هجرة لهم بما*** قال الرسول وجاء في القرآن
ولقد أتى مثداقه في الترمذي لمن له أذنتان واعيتان
في اجر محيي سنة ماتت فذا***ك مع الرسول رفيقه بجنان


هذا ومصداق له أيضا أتى*** في الترمذي لمن له عينان
تشبيه أمته بغيث أول*** منه وآخره فمشتبهان
فلذالك لا يدري الذي هو منهما*** قد خص بالتفضيل والرجحان
ولقد أتى أثر بأن الفضل في الطرفين أعني أولا والثاني
والوسط ذو ثبج فاعوج هكذا*** جاء الحديث وليس ذا نكران
ولقد أتى في الوحي مصداق له*** في الثلتين وذاك في القرآن
أهل اليمن  فثلة مع مثلها*** والسابقون أقل في الحسبان
ما ذاك الا أن تابعهم هم الغرباء ليست غربة الأوطان
لكنها والله غربة قائم*** بالدين بين عساكر الشيطان
فلذاك شبههم به متبوعهم*** في الغربتين وذاك ذو تبيان
لم بشبهوهم في جميع أمورهم*** من كل وجه ليس يستويان
فانظر الى تفسيره الغرباء بالمحيين سنته بكل زمان


طوبى لهم والشوق يحدوهم الى*** أخذ الحديث ومحكم القرآن
طوبى لهم لم يعبأوا بنحاتة الأ*** فكار أو بزبالة الأذهان
طوبى لهم ركبوا على متن العزا***ئم قاصدين لمطلع الايمان
طوبى لهم لم يعبأوا شيئا بذي الآ***راء إذ أغناهم الوحيان
طوبى لهم وامامهم دون الورى*** من جاء بالايمان والفرقان
والله ما ائتموا بشخص دونه*** إلا إذا ما دلهم ببيان


في الباب آثار عظيم شأنها*** أعيت على العلماء في الأزمان
إذ أجمع العلماء أن صحابة الـ***ـمختار خير طوائف الانسان
ذا بالضرورة ليس فيه الخلف بيـ***ـن اثنين ما حكيت به قولان
فلذاك ذي الآثار أعضل أمرها*** وبغوا لها التفسير بالاحسان
واسمع اذاﹰ تأويلها وافهمه لا*** تعجل برد منك أو نكران
ان البدار برد شيء لم تحط*** علما به سبب الى الحرمان
الفضل منه مطلق ومقيد*** وهما لأهل الفضل مرتبتان
والفضل ذو التقييد ليس بموجب*** فضلا على الاطلاق من انسان
لا يوجب التقييد أن يقضي له*** بالاستواء فكيف بالرجحان
إذ كان ذو الاطلاق حاز على الفضا***ئل فوق ذي التقييد بالاحسان
فاذ فرضنا واحدا قد حاز نو***عا لم يجزه فاضل الانسان
لم يوجب التخصيص من فضل عليـ***ـه ولا مساواة ولا نقصان
ما خلق آدم باليدين بموجب*** فضلا على المبعوث بالقرآن
وكذا خصائص من أتى من بعده*** من كل رسل الله بالبرهان
فمجمد أعلاهم فوقا وما*** حكمت لهم بهزيمة الرجحان
فالحاشز الخمسين أجرا لم يجز***ها في جميع شرائع الايمان
هل حازها في بدر أو أحد أو الـ***ـفتح المبين وبيعة الرضوان
بل حازها إذ كان قد فقد المعـ***ـين وهم فقد كانوا أولي أعوان


والرب ليس يضيع ما يتحمل*** المتحملون لأجله من شان
فتحمل العبد الوحيد رضاه مع*** فيض العدو وقلة الأعوان
مما يدل على يقين صادق*** ومحبة وحقيقة العرفان
يكفيه ذلا واغترابا قلة الأ***نصار بين عساكر الشيطان
في كل يوم فرقة تغزوه ان***ترجع يوافيه الفريق الثاني
فسل الغريم المستضام عن الذي*** يلقاه بين عدا بلا حسبان
هذا وقد بعد المدى وتطاول الـ***ـعهد الذي هو موجب الاحسان
ولذاك كان كقابض جمرا فسل***  أحشاءه عن حرّ ذي النيران
والله أعلم بالذي في قلبه*** يكفيه علن الواحد المنان
في القلب أمر لييس يقدر قدره*** الا الذي آتاه للانسان
بر وتوحيد وصبر مع رضا*** والشكر والتحكيم للقرآن
سبحانه قاسم فضله بين العبا***د فذاك مولى الفضل والاحسان
فالفضل عند الله ليس بصورة الأ***عمال بل بحقائق الايمان
وتفاضل الأعمال يتبع ما يقو***م بقلب صاحبها من البرهان
حتى يكون العاملان كلاهما*** في رتبة تبدو لنا بعيان
هذا وبينهما كما بين السما*** والأرض في فضل وفي رجحان
ويكون بين ثواب ذا وثواب ذا*** رتب مصاعفة بلا حسبان
هذا عطاء الرب جل جلاله*** وبذاك تعرف حكمة الرحمن


فصل
فيما أعد الله تعالى في الجنة لأوليائه المتمسكين بالكتاب والسنة

يا خاطب الحور الحسان وطالبا*** لوصالهن بجنة الحيوان
لو كنت تدري من خطبت ومن طلبـ***ـت بذلت ما تحوي من الأثمان
أو كنت تدري أين مسكنها جعلـ***ـت السعي منك لها على الأجفان
ولقد وصفت طريق مسكنها فان*** رمت الوصال فلا تكن بالواني
أسرع وحدث السير جهدك انما*** مسراك هذا ساعة لزمان
فاعشق وحدّث بالوصال النفس وابـ***ـذل مهرها ما دمت ذا امكان
واجعل صيامك قبل لقياها ويو***م الوصل يوم الفطر من رمضان
واجعل نعوت جمالها الحادي وسر*** تلقي المخاوف وهي ذات أمان


لا يلهينك منزل لعبت به*** أيدي البلا من سالف الأزمان
فاقد ترحل عنه كل مسرة*** وتبدلت بالهم والأحزان
سجن يضيق بصاحب الايمان لـ***ـكن جنّة الماوى لذي الكفران
سكانها أهل الجهالة والبطا***لة والسفاهة أنجس السكان
وألذهم عيشا فأجلهم بحق الله ثم حقائق القرآن
عمرت بهم هذي الديار وأقفرت*** منخم ربوع العلم والايمان
قد آثروا الدنيا ولذة عيشها الـ***ـفاني على الجنات والرضوان
صحبوا الأماني وابتلوا بحظوظهم*** ورضوا بكل مذلة وهوان
كدحا وكدا لا يفتر عنهم*** ما فيه من غم ومن أحزان



والله لو   شاهدت هاتيك الصدو***ر رأيتها كمراجل النيران
ووقودها الشهوات والحسرات والآ***لام لا تخبو مدى الأزمان
أبدانهم أجداث هاتيك النفو***س اللائي قد قبرت مع الأبدان
أرواحهم في وحشة وجسومهم*** في كدحها لا في رضا الرحمن
هربوا من الرق الذي خلقوا له*** فبلو ربق النفس والشيطان
لا ترض ما اختاروه هم لنوفسهم*** فقد ارتضوا بالذل والحرمان
لو سارت الدنيا جناح بعوضة*** لم يسق منها الرب ذو الكفران
لكنها والله أحقر عنده*** من ذا الجناح القاصر الطيران
ولقد تولت بعد عن أصحابها*** فالسعد منها حل بالدبران
لا يرتجي منها الوفاء لصبها*** أين الوفا من غادر خوان
طبعت على كدر فكيف ينالها***صفو أهذا قط في  الامكان
ياعاشق الدنيا تأهب للذي*** قد ناله العشاق كل زمان
أو ماسمعت بل رأيت مصارع الـ*** ـعشاق من شيب ومن شبان


فصل
في صفة الجنة لتي أعدها الله ذو الفضل والمنة
لأوليائه المتمسكين بالكتاب والسنة


فاسم اذا أوصافها وصفات ها***تيك المنازل ربة الاحسان
هي جنة طابت وطاب نعيمها***فنعيمها باق وليس بفان
دار السلام وجنة المأوى ومنـ***ـزل عسكر الايمان والقرآن
فالدار دار سلامة وخطابهم*** فيها سلام واسم ذي الغفران


فصل
في عدد درجات الجنة وما بين كل درجتين

درجاتها مائة وما بين اثنتيـ***ـن فذاك في التحقيق للحسبان
مثل الذي بين السماء وبين هذي***الأرض قول الصاق والبرهان
لكن عاليها هو الفردوس مسـ***ـقوف بعرش الخالق الرحمن
وسط الجنان وعلوها فلذاك كا***نت قبة من أحسن البنيان
منه تفجر سائر الأنهار فالـ***ـينبوع منه نازل بجنان


فصل
 في أبواب الجنة

أبوابها حق ثمانية أتت*** في النص وهي لصاحب الاحسان
باب الجهاد  وذاك أعلاها وبا***ب الصوم يدعي الباب بالريان 
ولكل سعي صالح باب ورب*** السعي منه داخل بأمان
ولسوف يدعى المرء من أبوابها*** جميعا إذا وفى حلى الايمان
منهم أبو بكر الصديق ذا*** ك خليفة المبعوث بالقرآن





فصل
في مقدار ما بين الباب والباب منه

سبعون عاما بين كل اثنين منـ***ـها قدّرت بالعد والحسبان
هذا حديث لقيط المعروف بالـ***ـخبر الطويل وذا عظيم الشان
وعليه كل جلالة ومهابة*** ولكم حواه بعد من عرفان


فصل
في مقدار ما بين مصراعي الباب

لكن بينهما مسيرة أربعيـ***ـن رواه حبر الامة الشيباني
في مسند بالرفع وهو لمسلم*** وقف كمرفوع بوجه ثان
ولقد روى تقديره بثلاثة الـ***أيام لكن عند ذي العرفان
أعني البخاري الرضي وهو منكر***وحديث رواية ذو نكران


فصل
في مفتاح باب الجنة

هذا وفتح الباب ليس بممكن*** الا بنفتاح على أسنان
مفتاحه بشهادة الاخلاص والتو***حيد تلك شهادة الايمان
أسنانه الأعمال وهي شرائع الـ***إسلام والمفتاح بالأسنان
لا تلغين هذا المثال فكم به*** من حل أشكال لذي العرفان


فصل
في منشور الجنة الذي يوقع به لصاحبها

هذا ومن يدخل فليس بداخل*** الا بتوقيع من الرحمن
وكذاك يكتب للفتى لدخوله*** من قبل توقيعانمشهوران
إحداهما بعد الممات وعرض أر***اح العباد به على الديان
فيقول رب العرش جا جلاله*** للكاتبين وهم أولو الديوان
ذا الاسم في الديوان يكتب ذاك ديـ***ـوان الجنان مجاور المنان
ديوان عليين أصحاب القرآ***ن وسنة المبعوث بالقرآن
فإذا انتهى للجسر يوم الحشر يعـ***ـطى للدخول اذا كتاب ثان
عنوانه هذا الكتاب من عزيـ***ـز راحم لفلان ابن فلان
فدعوه يدخل جنة المأوى التي ار***تفعت ولكن لقطوف دوان
هذا وقد كتب اسمه مذ كان في الـ***أرحام قبل ولادة الانسان
بل قبل ذلك هو وقت القبضتيـ***ـن كلاهما للعدل والاحسان
سبحان ذي الجبروت والملكوت والـ*** إجلال والاكرام والسبحان
والله أكبر عالم الأسرار والـ***إعلان واللحظات بالأجفان
والحمد لله السميع لسائر الـ***أصوات من سر ومن إعلان
وهو الموحد والمسبح والممجـ***ـد والحميد ومنزل القرآن
والأمر من قبل ومن بعد له*** سبحانك اللهم ذا السلطان


فصل
في صفوف أهل الجنة

هذا وان صفوفهم عشرون مع*** مائة وهذي الأمة الثلثان
يرويه عنه بريدة إسناده*** سرط الصحيح بمسند الشيباني
وله شواهد من حديث أبي هريـ***ـرة وابن مسعود وحبر زمان
أعني ابن عباس وفي إسناده*** رجل ضعيف غير ذي اتقان
ولقد أتانا في الصحيح بأنهم ***شطر وما اللفظان مختلفان
إذ قال أرجو تكونوا شطرهم*** هذا رجاء منه للرحمن
أعطاه رب العرش ما يرجو وزا***د من العطاء فعال ذي الاحسان


فصل
في صفة أول زمرة تدخل الجنة

هذا وأول زمرة فوجوههم*** كالبدر ليل الست بعد ثمان
السابقون هم وقد كانوا هنا*** أيضا أولي سبق الى الاحسان


فصل
في صفة الزمرة الثانية

والزمرة الأخرلا كأضواء كوكب*** في الأفق تنظره به العينان
أمشاطهم ذهب ورشحهم فمسـ***ـك خالص يا ذلة الحرمان


فصل
في تفاضل أهل الجنة في الدرجات العلى

ويرى الذين بذيلها من فوقهم*** مثل الكواكب رؤية بعيان
ما ذاك مختصا برسل الله بل*** لهم وللصديق ذي الايمان


فصل
في ذكر أعلى أهل الجنة منزلة وأدناهم

هذا وأعلاهم فناظر ربه*** في كل يوم وقته الطرفان
لكن أدناهم وما فيهم دني*** إذ ليس في الجنات من نقصان
فهو الذي تلقى مسافة ملكه*** بسنيننا ألفان كاملتان
فيرى بها أقصاه حقا مثل رؤ***يته لأدناه القريب الداني
أو ماسمعت بأن آخر أهلها*** يعطيه رب لعرش ذو الغفران
أضعاف دنيانا جميعا عشر أمـ***ـثال لها سبحان ذي الاحسان


فصل
في ذكر سن اهل الجنة

هذا وسنهم ثلاث مع ثلا***ثين التي هي قوة الشبان
وصغيرهم وكبيرهم في ذا على*** حد سواء ما سوى الولدان
ولقد روى الخدري أيضا أنهم*** أبناء عشر بعدها عشران
وكلاهما في الترمذي وليس ذا*** بتناقض بل ها هنا أمران
حذف الثلاث ونيف بعد العقو***د وذكر ذلك عندهم سيان
عند اتساع في الكلام فعندما*** يأتوا بتحرير فبالميزان


فصل
في طول قامات أهل الجنة وعرضهم

والطول طول أبيهم ستون لـ***ـكن عرضهم سبع بلا نقصان
الطول صح بغير شك في الصحيـ***ـحين اللذين هما لنا شمسان
والعرض لم نعرفه في احداهما*** لكن رواه أحمد الشيباني
هذا ولا يخفى التناسب بين هـ***ـذا العرض والطول البديع الشان
كل على مقدرا صاحبه وذا*** تقدير متقن صنعة الانسان   

فصل
في لحاهم وألوانهم

ألوانهم بيض وليس لهم لحى*** جعد الشعور مكحّلوا الأجفان
هذا كمال الحسن في أبشارهم*** وشعورهم وكذلك العينان

فصل
في لسان أهل الجنة

ولقد أتى أثر بأن لسانهم*** بالمنطق العربي خير لسان
لكنّ في اسناده نظرا ففيـ***ـه راويان وما هما ثبتان
أعني العلاء هو ابن عمرو ثم يحـ***ـيى الأشعري وذان مغموزان


فصل
في ريح أهل الجنة من مسيرة كم يوجد

والريح يوجد من مسيرة أربعيـ***ـن وإن تشأ مائة فمرويان
وكذا روى سبعين أيضا صح هـ***ـذا كله وأتى به اثران
ما في رجالهما لنا من مطعن*** والجمع بين الكل ذو إمكان
وقد أتى تقديره مائة بخمـ***ـس ضربها من غير ما نقصان
إن صح هذا فهو أيضا والذي*** من قلبه في غاية الامكان
أما بحسب المدركين لريحها*** قربا وبعدا ما هما سيّان
أو باختلاف قرارها وعلوّها*** أيضا وذلك اضح التبيان
أو باختلاف السير أيضا فهو أنـ***ـواع بقدر إطاقة الانسان
ما بين ألفاظ الرسول تناقض*** بل ذلك في الأفهام والأذهان


فصل
في أسبق الناس دخولا الى الجنة

ونظير هذا سبق أهل الفقر للـ***ـجنات في تقديره أثران
مائة بخمس ضربها أو أربعيـ***ـن كلاهما في ذاك محفوظان
فأبو هريرة قد روى أولاهما*** وروى لنا الثاني صحابيان
هذا بحسب تفاوت الفقراء في أسـ***ـتحقاق سبقهم الى الاحسان
أو ذا بحسب تفاوت في الأغنيا***ء كلاهما لا شك موجودان
هذا وأولهم دخولا خير خلـ***ـق الله من قد خصّ بالقرآن
والأنبياء على مراتبهم من التـ***ـفضيل تلك مواهب المنان
هذا وأمة أحمد سباق با***قي الخلق عند دخولهم بجنان
وأحقهم بالسبق أسبقهم الى الـ***إسلام والتصديق بالقرآن
وكذا أبو بكر هو الصديق أسـ***ـبقهم دخولا قول عند ذي البرهان


وروى ابن ماجه أن أولهم يصا***فحه اله العرش ذو الاحشان
ويكون أولهم دخولا جنة الـ***ـفردوس ذلك قامع الكفران
فاروق دين الله ناصر قوله*** ورسوله وشرائع الايمان
لكنه أثر ضعيف فيه مجـ***ـروح يسمى خالدا ببيان
لو صلح كان عمومه المخصوص بالصـ***ـديق قطعا غير ذي نكران
هذا وأولهم دخولا فهو حمـ***ـاد على الحلالات للرحمن
إن  كان في السراء أصبح حامدا*** أو كان في الضرا فحمد ثان
هذا الذي هو عارف بإلهه*** وصفائه وكماله الرباني
وكذا الشهيد فسبقه متيقن*** وهو الجدير بذلك الاحسان
وكذلك الملوك حين يقوم بالـ***ـحقين سباق بغير توان
وكذا فقير ذو عيال ليس بالـ***ـملحاح بل ذو عفة وصيان


فصل
في عدد  الجنات وأجناسها

والجنة اسم الجنس وهي كثيرة*** جدا ولكن أصلها نوعان
ذهبيتان بكل ما حوتاه من*** حلى وآنية ومن بنيان
وكذاك أيضا ففضة ثنتان من*** حلى وبنيان وكل أوان
لكن دار الخلد والمأوى وعد***ن والسلام اضافة لمعان
أوصافها استدعت اضفتها اليـ***ـها مدحة مع غاية التبيان
لكنما الفردوس أعلاها وأو***سطها مساكن صفوة الرحمن
أعلاه منزلة لأعلى الخلق منـ***ـزلة هو المبعوث بالقرآن
وهي الوسيلة وهي أعلى رتبة*** خلصت له فضلا من الرحمن


ولقد أتى في سورة الرحمن تفـ***ـضيل الجنان مفصلا ببيان
هي أربع ثنتان فاضلتان ثم*** يليهما ثنتان مفضولان
فالأوليان الفضليان لأوجه*** عشر ويعسر نظمها بوزان
واذا تأملت السياق وجدتها*** فيه تلوح لمن له عينان


سبحان من غرست يداه جنة الـ***فردوس عند تكامل البنيان
ويداه أيضا أتقنت لبنائها*** فتبارك الرحمن أعظم بان
هي في الجنان كآدم وكلاهما*** تفضيله من أجل هذا الشان
لكنما الجهميّ ليس لديه من*** ذا الفضل شيء فهو ذو نكران
ولد عقوق عق والده ولم*** يثبت بذا فضلا على شيطان
فكلاهما تأثير قدرته وتأ***ثير المشيئة ليس ثم يدان
آلاهما أو نعمتاه وخلقه*** كل بنعمة ربه المنان


لما قضى رب العباد العرش  قا***ل تكلمي فتكلمت ببيان
قد أفلح العبد الذي هو مؤمن*** ماذا ادّخرت له من الاحسان
ولقد روى حقا أبو الدرداء ذا***ك عويمر أثرا عظيم الشان
يهتز قلب العبد عند سماعه*** طربا بقدر حلاوة الايمان
ما مثله أبدا يقال برأيه*** أو كان يا أهلا بذا العرفان
فيه النزول ثلاث ساعات فاحـ***ـداهن ينظر في الكتاب الثاني
يمحو ويثبت ما يشاء بحكمة*** وبعزة وبرحمة وحنان
فترى الفتى يمسي على حال ويصـ***ـبح في سواها ما هما مثلان
هو نائم واموره قد دبرت*** ليلا ولا يدري بذاك الشان
والساعة الأخرى الى عدن مسا*** كن أهله هم صفوة الرحمن
الرسل ثم الأنبياء ومعهم الصـ***ـديق حسب فلا تكن بجبان
فيها  الذي والله لا عين رأت*** كلا ولا سمعت به الأذنان
كلا ولا قلب به خطر المثا***ل له تعالى الله ذو السلطان
والساعة الأخرى الى هذي السما***ء يقول هل من تائب ندمان
أو داع أو مستغفر أو سائل*** أعطيه اني واسع الاحسان
حتى يصلي الفجر يشهدها مع الـ***أملاك تلك شهادة القرآن
هذا الحديث بطوله وسياقه*** وتمامه في سنة الطبراني


فصل
في بناء الجنة

وبناؤها اللبنات من ذهب*** وأخرى فضة نوعان محتلفان
وقصورها من لؤلؤ وزبرجد*** أو فضة أو خالص العيقان
وكذاك من در وياقوت به*** نظم الناء بغاية الاتقان
والطين مسك خالص أو زعفرا***ن جابذا أثران مقبولان
ليسا بمختلفين لا تنكرهما*** فهما الملاط لذلك البنيان


فصل
في أرضها وحصبائها وتربها


والأرض مرمرة مخالص فضة*** مثل المرات تناله العينان
في مسلم تشبيهها بالدرمك الصـ***ـافي وبالمسك العظيم الشان
هذا لحسن اللون لكن ذا لطيـ**ـب الريح صار هناك تشبيهان
حصباؤها در وياقوت كذا***ك لآلىء نثرت كنثر جمان
وترابها من زعفران أو من المـ***ـسك الذي ما استلّ من غزلان


فصل
في صفة غرفاتها

غرفاتها في الجو ينظر بطنها *** من ظهرها والظهر من بطنان
سكانها أهل القيام مع الصيا***م وطيب الكلمات والاحسان
ثنتان خالص حقه سبحانه***وعبيده أيضا لهم ثنتان


فصل
في خيام اهل الجنة

للعبد فيها خيمة من لؤلؤ*** قد جوفت هي صنعة الرحمن
ستون ميلا طولها في الجو في*** كل الزوايا أجمل النسوان
يغشى الجميع فلا يشاهد بعضهم*** بعضا وهذا لاتساع مكان
فيها مقاصير بها الأبواب من*** ذهب ودر زين بالمرجان
وخيامها منصوبة برياضها*** وشواطئ الأنهار ذي الجريان
ما في الخيام سوى التي لو قابلت*** للنيرين لقلت منكسفان
له هاتيك الخيام فكم بها*** للقلب من علق ومن أشجان
فيهن حور قاصرات الطرف خيـ***ـرات حسان من خير حسان
خيرات أخلاق حسان أوجها*** فالحسن والاحسان متفقان


فصل
في أرائكها وسررها

فيها الأرائك وهي من سرر عليـ***ـهن الحجال كثيرة الألوان
لا تستحق اسم الأرائك دون ها***تيك الحجال وذاك وضع لسان
بشخنانة يدعونها بلسان فا***رس وهو ظهر البيت ذي الأركان


فصل
في أشجارها وثمارها وظلالها


أشجارها نوعان منها ما له *** في هذه الدنيا مثال ذان
كالسدر أصل النبق مخضود مكا***ن الشوك من ثمر ذوي ألوان
هذا وظل السدر من خير الظلا***ل ونفعه الترويح للأبدان
وثماره أيضا ذوات منافع*** من بعضها تفريح ذي الأحزان
والطلح وهو الموز منضود كما*** نضدت يد باصابع وبنان
أو أنه شجر البوادي موقرا*** حملا مكان الشوك في الأغصان
وكذلك الرمان والأعناب التي منها القطوف دوان


هذا ونوع ما له في هذه الد***نيا نظير كي يرى بعيان
يكفي من التعجاج قول الهنا*** من كل فاكهة بها زوجان
وأتوا به متشابها في اللون مخـ***ـتلف الطعوم فذاك ذو ألوان
أو أنه متشابه في الاسم مخـ***ـتلف الجعوم فذاك قول ثان
أو انه وسط خيار كله*** فالفحل منه ليس ذا ثنيان
أو أنه لثمارنا ذي مشبه*** في اسم ولون ليس يختلفان
لكن لبهجتها ولذة طعمها*** أمر سوى هذا الذي تجدان
فيلذها في الأكل عند منالها*** وتلذها من قبله العينان
قال ابن عباس وما بالجنة الـ***ـعليا سوى أسماء ما تريان
يعني الحقائق لا تماثل هذه*** وكلاهما في الاسم متفقان 


يا طيب هاتيك الثمار وغرسها*** في المسك ذاب الترب للبستان
وكذلك الماء الذي يسقى به*** ياطيب ذاك الورد للظوآن
وإذا تناولت المار أتت نظيـ***ـرتها فحلت دونها بمكان
لم تنقطع أبدا ولم ترقب نزو***ل الشمس من حمل الى ميزان
وكذاك لم تمنع ولم تحنج الى*** أن ترتقي للقنو في العيدان
بل ذللت القطوف فكيف ما***شئت انتزعت بأسهل الامكان
ولقد أتى أثر بأن الساق من*** ذهب رواه الترمذي ببيان
قال ابن عباس وهاتيك الجذو***ع زمرد من أحسن الألوان
ومقطعاتهم من الكرم الذي***فيها ومن سعة من العقيان
وثمارها ما فيه من عجم كأمـ***ـثال القلال فجلّ ذو الاحسان
وظلالها معدودة ليست تقي*** حرا ولا شمسا وأنى ذان
أو ما سمعت بظل أصل واحد*** فيه يسير الراكب العجلان
مائة سنين قدرت لا تنقضي*** هذا العظيم الأصل والأفنان
ولقد روى الخدري أيضا أن طو***بى قدريها مائة بلا نقصان
تتفتح الأكمام فيها عن لبا***سهم بما شاءوا من الألوان


فصل
في سماع أهل الجنة

قال ابن عباس ويرسل ربنا*** ريحا تهز ذوائب الأغصان
فتثير أصواتا تلذ لمسمع الا***نسان كالنغمات بالأوزان
يا لذة الأسماع لا تتعوضي*** بلذاذة الأوتار والعيدان
أو ما سمعت سماعهم فيها غنا***ء الحور بالأصوات والألحان
واها لذيّاك السماع فإنه*** ملئت به الأذنان بالاحسان
واها لذيّاك السماع وطيبه*** من مثل أقمار على أغصان
واها لذيّاك السماع فكم به*** للقلب من طرب ومن أشجان
واها لذيّاك السماع ولم أقل*** ذيّاك تصغيرا له بلسان
ما ظن سامعه بصوت أطيب الـ*** أصوات من حور الجنان حسان
نحن النواعم والخوالد خيرا***ت كاملات الحسن والاحسان
لسنا نموت ولا نخاف وما لنا*** سخط ولا ضغن من الأضغان
طوبى لمن كنا له وكذاك طو***بى للذي هو حظنا لفظان
في ذاك آثار روين وذكرها*** في الترمذي ومعجم الطبراني
ورواه يحيى شيخ الأوزاعي تفـ***ـسيرا للفظة يحبرون أغان


نزه سماعك إن أردت سماع ذيـ***ـاك الغناء عن هذه الألحان
لا تؤثر الأدنى على الأعلى فتحـ***ـرم ذا وذا يا ذلة الحرمان 
إن اختيارك للسماع النازل الـ***أدنى على الأعلى من النقصان
والله أن سماعهم في القلب والـ***إيمان مثل السم في الأبدان
والله ما انفك الذي هو دأبه*** أبدا من الاشراك بالرحمن
فلقلب بيت الرب جل جلاله*** حبا واخلاصا مع الاحسان
فإذا تعلق بالسماع اصاره*** عبدا لكل فلانة وفلان
حب الكتاب وحب ألحان الغنا*** في قلب عبد ليس يجتمعان
ثقل الكتاب عليهملما رأوا*** تقييده بشرائع الايمان
واللهو خف عليهم ولما رأوا*** ما فيه من طرب ومن ألحان
قوت النفوس وانما القرآن قو***ت القلب أنى يستوي القوتان
ولذا تراه حظ ذي النقصان كالـ***ـجهال والصبيان والنسوان
وألذهم فيه أقلهم من العقل*** الصحيح فسل أخا العرفان
يا لذة الفساق لست كلذة الـ***أبرار في عقل ولا قرآن


فصل
في انهار الجنة

أنهارها في غير أخدود جرت*** سبحان ممسكها عن الفيضان
من تحتهم تجري كما شاءوا مفجـ***ـرة وما للنهر من نقصان
عسل مصفى ثم ماء ثم  خمـ***ـر  ثم أنهار من الألبان
والله ما تلك المواد كهذه*** لكن هما في اللفظ مجتمعان
هذا وبينهما يسير تشابه*** وهو اشتراك قام بالأذهان

فصل
في طعام أهل الجنة

وطعامهم ما تشتهيه نفوسهم*** ولحوم طير ناعم وسمان
وفواكه شتى بحسب مناهم*** يا شبعة كملت لذي الايمان
لحم وخمر والنسا وفواكه*** والطيب مع روح ومع ريحان
وصحافهم ذهب تطوف عليهم*** بأكف خدام من الولدان
وانظر الى جعل اللذاذة للعيو***ن وشهوة للنفس في القرآن
للعين منها لذة تدعو الى*** شهواتها بالنفس والأمران
سبب التناول وهو يوجب لذة*** أخرى سوى ما نالت العينان 


فصل في شرابهم

يسقون فيها من رحيق ختمه*** بالمسك أوله كمثله الثاني
مع خمرة لذت لشاربها بلا*** غول ولا داء ولا نقصان
والخمر في الدنيا فهذا وصفها*** تغتال عقل الشارب السكران
وبها من الأدواء ما هي أهله*** ويخاف من عدم لذي الوجدان
فنفى لنا الرحمن أجمعها عن الـ***ـخمر التي في جنة الحيوان
وشرابهم من سلسبيل مزجه الـ***ـكافور ذاك شراب ذي الاحسان
هذا شرب أولي اليمين ولكن الـ***أبرار شربهم المقرب خيرة الرحمن
صفى المقرب سعيه فصفا له*** ذاك الشراب  فتلك تصفيتان
لكن أصحاب اليمين فأهل مز***ج بالمباح وليس بالعصيان
مزج الشراب لهم كما مزجوا*** هم الأعمال ذاك المزج بالميزان
هذا وذو التخليط مزجا أمره*** والحكم فيه لربه الديان


فصل
في مصرف طعامهم وشرابهم وهضمه

هذا وتصريف المآكل منهم*** عرق يفيض لهم من الأبدان
كروائح المسك الذي ما فيه خلـ***ـط غيره من سائر الألوان
فتعود هانيك البطون ضوامرا*** تبغي الطعام على مدى الأزمان
لا غائط فيها ولا بول ولا*** مخط ولا بصق من الانسان
ولهم جشاء ريحه مسك يكو***ن به تمام الهم بالاحسان
هذا وهذا صح عنه فواحد*** في مسلم ولأحمد الأثران



فصل
في لباس أهل الجنة

وهم الملوك على الأسرة فوق ها***تيك الرؤوس مرصع التيجان
ولباسهم من سندس خضر ومن*** استبرق نوعان معروفان
ما ذلك من دود بنى من فوقه*** تلك البيوت وعاد ذا الطيران
كلا ولا نسجت على المنوال نسـ***ـج ثيابنا بالقطن والكتان
لكنها حلل تشق ثمارها*** عنها رأيت شقائق النعمان
بيض وخضر ثم صفر ثم حمـ***ـر كالرباط بأحسن الألوان
لا تقرب الدنس المقرب للبلى*** ما للبلى فيهن من سلطان
ونصيف احداهن وهو خمارها*** ليست له الدنيا من الأثمان
سبعون من حلل عليها لا تعو***ق الطرق عن مخ ورا الساقان
لكن يراه من ورا ذا كله*** مثل الشراب لذي زجاج أوان


فصل
في فرشهم وما يتبعها

والفرش من استبرق قد بطنت*** ما ظنكم بظهارة لبطان
مرفوعة فوق الأسرة يتكئ*** هو والحبيب بخلوة وأمان
يتحدثان عن الأرائك ما ترى***حبين في الخلوات ينتجيان 
هذا وكم زريبة ونمارق*** ووسائد صفت بلا حسبان


فصل
في حلى أهل الجنة

والحلى أصفى لؤلؤ وزبرجد*** وكذاك أسورة من العقيان
ما ذاك يختص الاناث وانما*** هو للاناث كذاك للذكران
التاركين لباسه في هذه الد***نيا لأجل لباسه بجنان
أو ما سمعت بأن حليتهم الى*** حيث انتهاء وضوئهم بوزان
وكذا وضوء أبي هريرة كان قد*** فازت به العضدان والساقان
وسواه أنكر ذا عليه قائلا*** ما الساق موضع حلية الانسان
ما ذاك الا موضع الكعبين والز***ـدين لا الساقان والعضدان
وكذاك أهل الفقه مختلفون في*** هذا وفيه عندكم قولان
والراجح الأقوى انتهاء وضوئنا*** للمرفقين كذلك الكعبان
هذا الذي قد حده الرحمن في الـ***ـقرآن لا تعدل عن القرآن
واحفظ حدود الرب لا تتعدها*** وكذاك لا تجنح الى النقصان
وانظر الى فعل الرسول تجده قد***أبدى المراد وجاء بالتبيان
ومن استطاع يطيل غرته فمو***قوف على الراوي هو الفوقاني
فأبو هريرة قال ذا من كيسه*** فغدا يميزه أولو العرفان
ونعيم الراوي له قد شك في*** رفع الحديث كذا روى الشيباني
وإطالة الغرات ليس ببمكن*** أبدا وذا في غاية التبيان


فصل
في صفة عرائس الجنة وحسنهن وجمالهن ولذة وصالهن ومهورهن

يا من يطوف بكعبة الحسن التي*** خفت بذاك الحجر والأركان
ويظل يسعى دائما حول الصفا*** ومحسّر مسعاه لا العلمان
ويروم قربان الوصال على منى*** والخيف يحجبه عن القربان
فلذا تراه محرما أبدا ومو***ضع حله منه فليس بدان
يبغي التمتع مفردا من حبه*** متجردا يبغي شفيع قران
فيظل بالجمرات يرمي قلبه*** هذي مناسكه بكل زمان
والناس قد قضوا مناسكهم وقد*** حثوا ركائبهم الى الأوطان
وحدت بهم همم لهم وعزائم*** نحو المنازل أول الأزمان
زفعت لهم في السير أعلام الوصا***ل فشمّروا يا خيبة الكسلان


ورأوا على بعد خياما نشرفا***ت مشرقات النور والبرهان
فتيمموا تلك الخيام فآنسوا*** فيهن أقمارا بلا نقصان
من قاصرات الطرف لا تبغى سوى**** محبوبها من سائر الشبان
قصرت عليه طرفها من حسنه*** والطرف في ذا الوجه للنسوان
أو أنها قصرت عليه طرفه*** من حسنها فالطرف للذكران
والأول المعهود من وضع الخطا***ب فلا تحدن عن ظاهر القرآن
ولربما دلت اشارته على الثـ***ـاني فتلك اشارة لمعان
هذا وليس القاصرات كمن غدت*** مقصورة فهما اذا صنفان


يا مطلق الطرف المعذب في الألى*** جردن عن حسن وعن احسان
لا تسبينّك صورة من تحتها*** الداء الدوي تبوء بالخسران
قبحت خلائقها وقبح فعلها*** شيطانه في صورة الانسان
تنقاد للأنذال والأرذال هم*** أكفاؤها من دون ذي الاحسان
ما ثم من دين ولا عقل ولا*** خلق ولا خوف من الرحمن
وجمالها زور ومصنوع فان*** تركته لم تطمح لها العينان
طبعت على ترك الحفاظ فما لها*** بوفاء حق البعل قط يدان
ان قصر الساعي عليها ساعة *** قالت وهل أوليت من احسان
أو رام تقويما لها استعصت ولم*** تقبل سوى التعويج والنقصان
أفكارها في المكر والكيد الذي***  قد حار فيه فكرة الانسان 
فجمالها قشر رقيق تحته*** ما شئت من عيب ومن نقصان
نقد رديء فوقه من فضة*** شيء يظن به من الأثمان
فالناقدون يرون ماذا تحته*** والناس أكثرهم من العميان


أما جميلات الوجوه فخائنا***ت بعولهن وهن للأخدان
والحافظات الغيب منهن التي*** قد أصبحت فردا من النسوان
فانظر مصارع من يليك ومن خلا*** من قبل من شيب ومن شبان
وارغب بعقلك أن تبيع العالي الـ***ـباقي بذا الأدنى الذي هو فان
إن كان قد أعياك خود مثل ما*** تبغي ولم تظفر الى ذا الآن
فاخطب من الرحمن خودا ثم قد*** م مهرها ما دمت ذا إمكان
ذاك النكاح عليك أيسر أن يكن*** لك نسبة للعلم والايمان
والله لم تخرج الى الدنيا للذ***ة عيشها أو للحطام الفاني
لكن خرجت لكي تعد الزاد للـ***أخرى فجئت بأقبح الخسران
أهملت جمع الزاد حتى فات بل*** فات الذي ألهاك عن ذا الشان
والله لو أنّ القلوب سليمة*** لتقطعت أسفا من الحرمان
لكنها سكرى بحب حياتها الد***نيا وسوف نفيق بعد زمان


فصل

فاسمع صفات عرائس الجنات ثم اخـ***ـتر لنفسك يا أخا العرفان
حور حسان قد كملن خلائقا*** ومحاسنا من أجمل النسوان
حتى يحار الطرف في الحسن الذي*** قد ألبست فالطرف كالحيران
ويقول لما أن يشاهد حسنها*** سبحان معطي الحسن والاحسان
والطرف يشري من كؤوس جمالها*** فتراه مثل الشارب النشوان
كملت خلائقها وأكمل حسنها*** كالبدر ليل الست بعد ثمان
والشمس تجري في محاسن  وجهها** والليل تحت ذوائب الأغصان
فتراه يعجب وهو موضع ذاك من*** ليل وشمس كيف يجتمعان
فيقول سبحان الذي ذا صنعه***سبحان متقن صنعة الانسان
لا اليل يدرك شمسها فتغيب عنـ***ـد مجيئه حتى الصباح الثاني
والشمس لا تأتي بطرد الليل بل*** يتصاحبان كلاهما اخوان


وكلاهما مرآة صاحبه اذا*** ما شاء يبصر وجهه يريان
فيرى محاسن وجهه في وجها*** وترى محاسنها به بعيان
حمر الخدود ثغورهن لآلئ*** سود العيون فواتر الأجفان
والبرق يبدو حين يبسم ثغرها*** فيضيء سقف القفصر بالجدران
ولقد روينا أن برقا ساطعا*** يبدو فيسأل عنه من بجنان
فيقال هذا ضوء ثغر صاحبك*** في الجنة العليا كما تريان
لله لاثم ذلك الثغر الذي*** في لثمه إدراك كل أمان
ريانة الأعطاف من ماء الشبا***ب فغصنها بالماء ذو جريان
لما جرى ماء النعيم بغصنها*** حمل الثمار كثيرة الألوان
فالورد والتفاح والرمان في*** غصن تعالى غارس البستان


والقد منها كالقضيب اللدن في*** حسن القوام كأوسط القضبان
في مغرس كالعاج تحسب أنه*** عالي النقا أو واحد الكثبان
لا الظهر يلحقها وليس ثديها*** بلواحق للبطن أو بدوان
لكنهن كواعب ونواهد*** فثديهن كألطف الرمان
والجيد ذو طول وحسن في بيا***ض واعتدال ليس ذا نكران
يشكو الحليّ بعاده فله مدى الـ***أيام وسواس من الهجران
والمعصمان فان تشأ شبههما*** بسبيكتين عليهما كفان
كالزبد لينا في نعومة ملمس*** أصداف در دورت بوزان
والصدر متسع على بطن لها*** حفت به خصران ذا أثمان
وعليه أحسن سرة هي مجمع الـ***ـخصرين قد غارت من الأعكان
حق من العاج استدار وحوله*** حبات مسك جل ذو الاتقان


وإذا انحدرت رأيت أمرا هائلا*** ما للصفات عليه من سلطان
لا الحيض يغشاه ولا بول ولا*** شيء من الآفات في النسوان
فخذان قد جفا به حرسا له*** فجنابه في عزة وصيان
قاما بخدمته هو السلطان بيـ***ـنهما وحق طاعة السلطان
وهو المطاع أميره لا ينثني*** عنه ولا هو عنده بجبان
وجماعها فهو الشفا لصبها*** فالصبّ منه ليس بالضجران
وإذا يجامعها تعود كما أتت*** بكرا بغير دم ولا نقصان
فهو الشهي وعضوه لا ينثني*** جاء الحديث بذا بلا نكران
ولقد رأينا أن شغلهم الذي*** قد جاء في يس دون بيان
شغل العروس بعرسه من بعدما*** عبثت به الأشواق طول زمان
بالله لا تسأله عن أشغاله*** تلك اليالي شأنه ذو شان
واضرب لهم مثلا بصب غاب عن*** محبوبه في شاسع البلدان
والشوق يزعجه اليه وما له***بلقائه سبب من الامكان
وافى اليه بعد طول مغيبه*** عنه وصار الوصل ذا امكان
أتلومه ان صار ذا شغل به*** لا والذي أعطى بلا حسبان
  يا رب غفرا قد طغت أقلامنا*** يا رب معذرة من الطغيان


   فصل

أقدامها من فضة قد ركبت*** من فوقها ساقان ملتفان
والساق مثل العاج ملموم يرى*** مخ العظام وراءه بعيان
والريح مسك الجسوم نواعم*** واللون كالياقوت والمرجان
وكلاهما يسبي العقول بنغمة*** زادت على الأوتار والعيدان
وهي العروب بشكلها وبدرها*** ونحبب للزوج كل أوان
وهي التي عند الجماع تزيد في*** حركاتها للعين والأذنان
لطفا وحسن تبعل وتغنج*** وتحبب تفسير ذي العرفان
تلك الحلاوة والملاحة أوجبا*** اطلاق هذا اللفظ وضع لسان
فملاحة التصوير قبل غناجها*** هي أول وهي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا لصب وامق*** بلغت به اللذات كل مكان


فصل

أتراب سن واحد متماثل*** سن الشباب لأجمل الشبان
بكر فلم يأخذ بكارتها سوى الـ***ـمحبوب من انس ولا من جان
حصن عليه حارس من أعظن الـ***ـحرّاس بأسا شأنه ذو شان
فاذا أحسّ بداخل للحصن ولـ***ـى هاربا فتراه ذا امعان
ويعود وهنا حين رب الحصن يخـ***ـرج منه فهو كذا مدى الأزمان
وكذا رواه أبو هريرة أنها*** تنصاغ بكرا للجماع الثاني
لكن دراجا أبا السمح الذي*** فيه يضعفه أولو الاتقان
هذا وبعضهم يصحح عنه في التـ***ـفسير كالمولود من حبان
فحديثه دون الصحيح وأنه*** فوق الضعيف وليس ذا اتقان


يعطي المجامع قوة المائة التي أجـ***ـتمعت لأقوى واحد الانسان
لا أن قوته تضاعف هكذا*** اذ قد يكون لأضعف الأركان
ويكون أقوى منه ذا نقص من الـ***إيمان والأعمال والاحسان
ولقد روينا أنه يغشى بيو***م واحد مائة من النسوان
ورجاله شرط الصحيح رووا لهم*** فيه وذا في معجم الطبراني
هذا ودليل أن قدر نسائهم*** متفاوت بتفاوت الايمان
وبه يزول توهم الأشكال عن*** تلك النصوص بمنة الرحمن
وبقوة المائة التي حصلت له*** أفضى الى مائة لا خوران
وأعفهم في هذه الدنيا هو الـ***أقوى هناك لزهده الفاني
فاجمع قواك لما هناك وغمض الـ***ـعينين واصبر ساعة لزمان
ما ههنا والله ما يسوى قلا*** مة ظفر واحدة ترى بجنان
ما ههنا الا النقار وسيّيء الـ***أخلاق مع عيب ومع نقصان
هم وغم دائم لا ينتهي*** حق الطلاق أو الفراق الثاني
والله قد جعل النساء عوانيا*** شرعا فأضحى البعل وهو العاني
لا تؤثر الأدنى على الأعلى فان*** تفعل رجعت بذلة وهوان


فصل
وإذا بدت في حلة من لبسها*** وتمايلت كتمايل النشوان
تهتز كالغصن الرطيب وحمله*** ورد وتفاح على رمان
وتبخرت في مشيها ويحق ذا***ك لمثلها في جنة الحيوان
ووصائف من خلفها وأمامها*** وعلى شمائلها وعن أيمان 
كالبدر ليلة تتمة قد حف في*** غسق الدجى بكواكب الميزان
فلسانه وفؤاده والطرف في*** دهش وإعجاب وفي سبحان
فالقبل قبل زفافها في عرسه*** والعرس من أثر العرس متصلان
حتى إذا ما واجهته تقابلا*** أرايت إذ يتقابل القمران
فسل المتيم هل يحل الصبر عن*** ضم وتقبيل وعن فلتان
وسل المتيم ابن خلف صبره*** في أي واد أم بأي مكان
وسل المتيم كيف حالته وقد*** ملئت له الأذنان والعينان
من منطق رقت حواشيه ووجـ***ـه كم به للشمس من جريان
وسل المتيم كيف عيشته إذا*** وهما على فرشيهما خلوان
يتساقطان لآلءا منثورة*** من بين منظوم كنظم جمان
وسل المتيم كيف مجلسه مع الـ***ـمحبوب في روح وفي ريحان
وتدور كاسات الرحيق عليهما*** بأكف أقمار من الولدان
يتنازعان الكأس هذا مرة*** والخود أخرى ثم يتكئان
فيضمها وتضمه*** أرأيت معـ***ـشوقين بعد البعد يلتقيان


غاب الرقيب وغاب كل منكد***وهما بثوب الوصل مشتملان
أتراهما ضجرين من ذا العيش لا*** وحياة ربك ما هما ضجران
ويزيد كل منهما حبا لصا***حبه جديدا سائر الأزمان
ووصاله يكسوه حبا بعده*** متسلسلا لا ينتهي بزمان
فالوصل محفوف بحب سابق*** وبلاحق وكلاهما صنوان
فرق لطيف بين ذاك وبين ذا*** يدريه ذو شغل بهذا الشان
ومزيدهم في كل وقت حاصل*** سبحان ذي الملكوت والسلطان
يا غافلا عما خلقت له انتبه*** جد الرحيل فلست باليقظان
سار الرفاق وخلفوك مع الألي*** قنعوا بذا الحظ الخسيس الفاني
ورأيت أكثر من ترى متخلفا*** فتبعتهم ورضيت بالحرمان
لكن أتيت بخطتي وعجز وجهـ***ـل بعد ذا وصحبت كل امان
منتك نفسك باللحاق مع القعو***د عن المسير وراحة الأبدان
ولسوف تعلم حين ينكشف الغطا*** ماذا صنعت وكنت ذا امكان


فصل
في ذكر الخلاف بين الناس هل تحبل نساء أهل الجنة أم لا

والناس بينهم خلاف هل بها*** خبل وفي  هذا لهم قولان
فنفاه طاوس وابراهيم ثم*** مجاهد هم أولو العرفان
وروى العقيلي الصدوق أبو رزيـ***ـن من صاحب المبعوث بالقرآن
أن لا توالد في الجنان رواه تعـ***ـليقا محمد عظيم الشان
وحكاه عنه الترمذي وقال اسـ***ـحاق بن ابراهيم ذو الاتقان
لا يشتهي ولدا بها ولو اشتها***ه لكان ذك محقق الامكان
وروى هشام لابنه عن عامر*** عن ناجي عن سعد بن سنان
ان المنعم بالجنان إذا اشتهى الـ***ـولد الذي هو نسخة الانسان
فالحمل ثم الوضع ثم السن في*** فرد من الساعات في الأزمان
اسناده عندي صحيح قد روا***ه الرمذي وأحمد الشيباني
ورجال ذا الاسناد محتج بهم*** في مسلم وهم أولو اتقان
لكن غريب ما له من شاهد***فرد بذا الاسناد ليس بثان
لولا حديث أبي رزين كان ذا*** كلنص يقرب منه في التبيان
ولذاك أوله ابن ابراهيم بالـ***ـشرط الذي هو منتفى الوجدان
وبذاك رام الجمع بين حديثه*** وأبي رزين وهو ذو امكان
هذا وفي تأويله نظر فـ***ـان اذا لتحقيق وذي اتقان
ولربما جاءت لغير تحقق*** والعكس في أن ذاك وضع لسان


واحتج من نصر الولادة أن في الجـ***ـنات سائر شهوة الانسان
والله قد جعل البنين مع النسا*** من أعظم الشهوات في القرآن
فأجيب عنه بأنه لا يشتهي*** ولدا ولا حبلا من النسوان
واحتج من منع الولادة أنها*** ملزومة أمرين ممتنعان
حيض وإنزال المنى وذانك الـ***أمران في الجنات مفقودان
وروى صدى عن رسول الله*** أن منيّهم إذ ذاك ذو فقدان
بل لا منيﹼ ولا منية هكذا*** يروي سليمان هو الطبراني
وأجيب عنه بأنه نوع سوى الـ***ـمعهود في الدنيا من النسوان
فالنفي للمعهود في الدنيا من الـ***إيلاد والاثبات نوع ثان
والله خالق نوعنا من أربع*** متقابلات كلها بوزان
ذكر وأنثى والذي هو ضده*** وكذاك من أنثى بلا نكران
والعكس أيضا مثل حوا أمنا*** هي أربع معلومة التبيان
وكذاك مولود لجنان يجوز أن*** يأتي بلا حيض ولا فيضان
والأمر في ذا ممكن في نفسه*** والقطع ممتنع بلا برهان


فصل
في رؤية أهل الجنة ربهم تبارك وتعالى ونظرهم الى وجهه الكريم

ويرونه سبحانه من فوقهم*** نظر العيان كما يرى القمران
هذا تواتر عن رسول الله لم*** ينكره الا فاسد الايمان
وأتى به القرآن تصريحا وتعـ***ـريضا هما بسياقه نوعان
وهي الزيادة قد أتت في يونس*** تفسبر من قد جاء بالقرآن
ورواه عنه مسلم بصحيحه*** يروي صهيب ذا بلا كتمان
وهو المزيد كذاك فسر أبو***بكر هو الصديق ذو الايقان
وعليه أصحاب الرسول وتابعو***هم بعدهم تبعية الاحسان
ولقد أتى ذكر اللقا لربنا الـ***ـرحمن في سور من الفرقان
ولقاؤه إذ ذاك رؤيته حكى الـ***إجماع فيه جماعة ببيان
وعليه أصحاب الحديث جميعهم*** لغة وعرفا ليس يختلفان


هذا ويكفي أنه سبحانه*** وصف الوجوه بنظرة بجنان
وأعاد أيضا وصفها نظرا وذا*** لا شك بفهم ورؤية بعيان
وأتت أداة اليّ لرفع الوهم من*** فكر كذاك ترقب الانسان
وإضافة لمحل رؤيتهم  بذكـ***ـر الوجه إذ قامت به العينان
تالله ما هذا بفكر وانتظا***ر مغيب أو رؤية لجنان
ما في الجنان من انتظار مؤلم*** واللفظ يأباه لذي العرفان
لا تفسدوا لفظ الكتاب فليس فيـ***ـه حيلة يا فرقة الروغان
ما فوق ذا التصريح شيء ما الذي*** يأتي به من بعد ذا التبيان
لو قال أبين ما يقال لقلتم*** هو مجمل ما فيه من تبيان


ولقد أتى في سورة التطفيف أن*** القوم قد حجبوا عن الرحمن
فيدل بالمفهوم أن المؤمنيـ***ـن يرونه في جنة الحيوان
وبذا استدل الشافعي وأحمد*** وسواهما من عالمي الأزمان
وأتى بذا المفهوم تصريحا بآ***خرها فلا تخدع عن القرآن
وأتى بذاك مكذبا للكافريـ***ـن الساخرين بشيعة الرحمن
ضحكوا من الكفار يومئذ كما*** ضحكوا هم منهم على الايمان
وأثابهم نظرا اليه ضد ما*** قد قاله فيهم أولو الكفران
فلاك فسرها الأئمة أنه*** نظر الى الرب العظيم الشان
لله ذاك الفهم يؤتيه الذي*** هو أهله من جاد بالاحسان


وروى ابن ماجة مسندا عن جابر*** خبرا وشاهده ففي القرآن
بينا هم في عيشهم وسرورهم*** ونعيمهم في لذة وتهان
واذا بنور ساطع قد أشرقت*** منه الجنان قصيها والداني
رفعوا اليه رؤوسهم فرأوه نور*** الرب لا يخفى على انسان
واذا بربهم تعالى فوقهم*** قد جاء للتسليم بالاحسان
قال السلام عليكم فيرونه*** جهرا تعالى الرب ذو السلطان
مصداق ذا يس قد ضمنته عنـ***ـد القول من رب بهم رحمن
من ردّ ذا فعلى رسول الله رد*** وسوف عند الله يلتقيان
في ذا الحديث علوه ومجيئه*** وكلامه حتى يرى بعيان
هذي أصول الدين في مضمونه*** لا قول جهم صاحب البهتان


وكذا حديث أبي هريرة ذلك الـ***ـخبر الطويل أتى به الشيخان
فيه تجلى الرب جل جلاله*** ومجيئه وكلامه ببيان
وكذاك رؤيته وتكيم لمن*** يختاره من أمة الانسان
فيه أصول الدين أجمعها فلا*** تخدعك عنه شيعة الشيطان
وحكى رسول الله فيه تجدد الـ***ـغضب الذي للرب ذي السلطان
إجماع أهل العزم من رسل الـ***إله وذاك اجماع  على البرهان
لا تخدعنّ عن الحديث بهذه الـ***آراء فهي كثيرة الهذيان
أصحابها أهل التخرص والتنا***قض والتهاتر قائلو البهتان
يكفيك أنك لو حرصت فلن ترى*** فئتين منهم قط يتفقان
الا اذا ما قلدا لسواهما*** فتراهم جيلا من العميان
ويقودهم أعمى يظن كمبصر*** يا محنة العميان خلف فلان
هل يستوي هذا ومبصر رشده*** الله أكبر كيف يستويان


أو ما سمعت منادي الايمان يخـ***ـبر عن منادي جنة الحيوان
يا أهلها لكم لدى الرحمن وعـ***ـد وهو منجزه لكم بضمان
قالوا أما بيضت أوجهنا كذا*** أعمالنا أثقلت في الميزان
وكذاك قد أدخلتنا الجنات حيـ***ـن أجرتنا من مدخل النيران
فيقول عندي موعد قد آن أن*** أعطيكموه برحمتي وحناني
فيرونه من بعد كشف حجابه*** جهرا روى ذا مسلم ببيان
ولقد أتانا في الصحيحين اللذيـ***ـن هما أصح الكتب بعد قرآن
برواية الثقة الصدوق جريـ***ـر البجلي عمن جاء بالقرآن
ان العباد يرونه سبحانه*** رؤيا العيان كما يرى القمران
فان استطعتم كل وقت فاحفظوا الـ***ـبردين ما عشتم مدى الأزمان
ولقد روى بضع وعشرون أمرا*** من صحب أحمد خيرة الرحمن
أخبار هذا الباب عمن قد أتى*** بالوحي تفصيلا بلا كتمان
وألذ شيء للقلوب فهذه الأخبار مع أمثالها هي بهجة الايمان

والله لولا رؤية الرحمن في الـ***ـجنات ما طابت لذي العرفان
أعلى نعيم رؤية وجهه*** وخطابه في جنة الحيوان
وأشد شيء في العذاب حجابه*** سبحانه عن ساكني النيران
وإذ رآه المؤمنون نسوا الذي*** هم فيه مما نالت العينان
فإذا توارى عنهم عادوا الى*** لذاتهم من سائر الألوان
فلهم نعيم عند رؤيته سوى*** هذا النعيم فحبذا الأمران
أو ما سمعت يؤال أعرف خلقه*** بجلاله المبعوث بالقرآن
شوقا اليه ولذة النظر التي*** بجلال وجه الرب ذي السلطان
فالشوق لذة روحه في هذه الـ***ـدنيا ويوم قيامة الأبدان
تلتذ بالنظر الذي فازت به*** دون الجوارح هذه العينان
والله ما في هذه الدنيا ألذ *** من اشتياق العبد للرحمن
وكذاك رؤية وجهه سبحانه*** هي أكمل اللذات للانسان
لكنما الجهمي ينكر ذا وذا***والوجه أيضا خشية الحدثان
تبا له المخدوع أنكر وجهه*** ولقاءه ومحبة الديان
وكلامه وصفاته وعلوه*** والعرش عطله من الرحمن
فتراه في واد ورسل الله في***واد وذا من أعظم الكفران   


فصل
في كلام الرب جل جلاله مع أهل الجنة

أوماعلمت بأنه سبحانه*** حقا يكلم حزبه بجنان
فيقول جل جلاله هل أنتم*** راضون قالوا نحن ذو رضوان
أم كيف لا نرضى وقد أعطيتنا*** ما لم ينله قط من انسان
هل ثم شيء غير ذا فيكون أفـ***ـضل منه نسأله من المنان 
فيقول أفضل منه رضواني فلا*** يغشاكم سخط من الرحمن
وبذكر الرحمن واحدهم بما*** قد كان منه سالف الازمان
منه اليه ليس ثم وساطة*** ما ذاك توبيخا من الرحمن
لكن يعرّفه الذي قد ناله*** من فضله والعفو والاحسان
ويسلم الرحمن جل جلاله*** حقا عليهم وهو في القرآن
وكذاك يسمعهم لذيذ خطابه*** سبحانه بتلاوة الفرقان
فكأنهم لم يسمعوه فبل ذا*** هذا رواه الحافظ الطبراني
هذا سماع مطلق وسماعنا الـ***ـقرآن في الدنيا فنوع ثان
والله يسمع قوله بوساطة*** وبدونها نوعان معروفان
فسماع موسى لم يكن بوساطة*** وسماعنا بتوسط الانسان
من صير النوعين نوعا واحدا*** فمخالف للعقل والقرآن     



فصل
في يوم المزيد وما أعد الله لهم فيه من الكرامة

أو ما سمعت بشانهم يوم المزيـ***ـد وأنه شأن عظيم الشان
هو يوم جمعتنا ويوم زيارة الـ***ـرحمن وقت صلاتنا وأذان
والسابقون الى الصلاة هم الألى*** فازوا بذاك السبق بالاحسان
سبق بسبق والمؤخر ههنا*** متأخر في ذلك الميدان
والأقربون الى الامام فهم أولو الزلفى هناك فههنا قربان
قرب بقرب والمباعد مثله*** بعد ببعد حكمة الديان
ولهم منابر لؤلؤ وزبرجد*** ومنابر الياقوت والعيقان
هذا وأدناهم وما فيهم دنيّ*** من فوق ذاك المسك كالكثبان
ما عندهم أهل المنابر فوقهم*** مما يرون بهم من الاحسان
فيرون ربهم تعالى جهرة*** نظر العيان كما يرى القمران
ويحاضر الرحمن واحدهم محا***ضرة الحبيب يقول يا ابن فلان
هل تذكر اليوم الذي كنت فيـ***ـه مبارزا بالذنب والعصيان
فيقول رب أما مننت بغفرة*** قدما فانك واسع الغفران
فيجيبه الرحمن مغفرتي التي*** قد أوصلتك الى المحل الداني


فصل
في المطر الذي يصيبهم هناك

ويظلهم اذ ذاك منه سحابة*** تأتي بمثل الوابل الهتان
بينا هم في النور اذ غشيتهم*** سبحان منشيها من الرضوان
فتظل تمطرهم بطيب ما رأوا*** شبها له في سالف الأزمان
فيزيدهم هذا جمالا فوق ما*** لهم وتلك مواهب المنان 


فصل
في سوق الجنة الذي ينصرفون اليه من ذلك المجلس

فيقول جل جلاله قوموا الى*** ما قد ذخرت لكم من الاحسان 
يأتون سوقا لا يباع ويشترى*** فيه فخذ منه بلا أثمان
قد أسلف التجار أثمان المبيـ***ـع بعقدهم في بيعة الرضوان
لله سوق قد أقامته الملا***ئكة الكرام بكل ما احسان
فيها الذي والله لا عين رأت*** كلا ولا سمعت به اذنان
كلا ولم يخطر على قلب امرئ*** فيكون عنه معبرا بلسان
فيرى امرأ من فوقه في هيئة*** فيروعه ما تنظر العينان
فإا عليه مثلها اذ ليس يلـ***ـحق أهلها شيء من الأحزان
واها لذا السوق الذي من حله*** نال التهاني كلها بأمان
يدعى بسوق تعارف ما فيه من*** صخب ولا غش ولا ايمان
وتجارة من ليس تلهيه تجا***رات ولا بيع عن الرحمن
أهل المروة والفتوة والتقى*** والذكر للرحمن كل أوان
يا من تعوض عنه بالسوق الذي*** ركزت لديه راية الشيطان
لو كنت تدري قدر ذاك السوق لم*** تركن الى سوق الكساد الفاني


فصل
في حالهم عند رجوعهم الى أهليهم ومنازلهم

فاذا هم رجعوا الى أهليهم*** بمواهب حصلت من الرحمن
قالوا لهم أهلا ورحبا ما الذي*** أعطيتم من ذا الجمال الثاني
والله لازددتم جمالا فوق ما*** كنتم عليه قبل هذا الآن
قالوا وأنتم والذي أنشأكم*** قد زدتم حسنا على الاحسان
لكن يحق لنا وقد كنا اذا*** جلساء رب العرش ذي الرضوان
فهم الى يوم المزيد أشد شو***قا من محب للحبيب الداني


فصل
في خلود أهل الجنة ودوام صحتهم ونعيمهم وشبابهم
واستحالة النوم والموت عليهم

هذا وخاتمة النعيم خلودهم*** ابدا بدار الخلد والرضوان
أو ما سمعت منادي الايمان يخـ***ـبر عن مناديهم بحسن بيان
لكم حياة ما بها موت وعا***فية بلا سقم ولا أحزان
ولكم نعيم ما به بؤس وما*** لشبابكم هرم مدى الأزمان
كلا ولا نوم هناك يكون ذا*** نوم وموت بيننا اخوان
هذا علمناه اضطرارا من كتا***ب الله فافهم مقتضى القرآن
والجهم أفناها وأفنى أهلها*** تبا لذاك الجاهل الفتان
طردا لنفي دوام فعل الرب في الـ***ـماضي وفي مستقبل الأزمان
وأبو الهذيل يقول  يفنى كلما*** فيها من الحركات للسكان
وتصير دار الخلد مع سكانها*** وثمارها كحجارة البنيان
قالوا ولولا ذاك لم يثبت لنا*** رب لأجل تسلسل الأعيان
فالقوم أما جاحدون لربهم*** أو منكرون حقائق الايمان




فصل
في ذبح الموت بين الجنة والنار والرد على من قال
إن الذبح لملك الموت وإن ذلك مجاز لا حقيقة  

أو ما سمعت بذبحه للموت بيـ***ـن المنزلين كذبح كبش الضان
حاشا لذا الملك الكريم وانما*** هو موتنا المحتوم للانسان
والله ينشىء منه كيشا أملحا*** يوم المعاد يرى لنا بعيان
ينشىء من الأعراض أجساما كذا*** بالعكس كل قابل الامكان
أفما تصدق أن أعمال العبا*** تحط يوم العرض في الميزان
وكذاك تثقل تارة وتخف أخـ***ـرى ذاك في القرآن ذو تبيان
وله لسان كفتاه تقيمه*** والكفتان اليه ناظرتان
ما ذاك أمرا معنويا بل هو الـ***ـمحسوس حقا عند ذي الايمان
أو ما سمعت بأن تسبيح العبا***د وذكرهم وقراءة القرآن
ينشيه رب العرش في صورة يجا***دل عنه يوم قيامة الابدان
أو ما سمعت بأن ذاك حول عر***ش الرب ذو صوت وذو دوران
يشفعن عند الرب جل جلاله*** ويذكرون بصاحب الاحسان
أو ما سمعت بأن ذلك مؤنس*** في القبر للملفوف في الأكفان    
في صورة الرجل الجميل الوجه في*** سن الشباب كأجمل الشباب
يأتي يجادل عنك يوم الحشر للر***حمن كي ينجيك من نيران
في صورة الرجل الذي هو شا***حب يا حبذا ذاك الشفيع الداني


أو ما سمعت حديث صدق قد*** أتى في سورتين من أول القرآن
فرقان من طير صواف بينهما*** شرق ومنه الضوء ذو تبيان
شبههما بغمامتين وان تشا*** بغيابتين هما لذا مثلان
هذا مثال الأجر وهو فعالنا*** كتلاوة القرآن بالاحسان
فالموت مخلوق بنص الوحي والـ***ـمخلوق يقبل سائر الألوان
في نفسه وبنشأة أخرى بقد***رة قالب الأعراض والألوان
أو ما سمعت بقلبه سبحانه الـ***أعيان من لون الى ألوان
وكذلك الأعراض يقلب ربها*** أعيانها والكل ذو امكان
لم يفهم الجهال هذا كله*** فأتوا بتأويلات ذي البطلان
فمكذب ومؤول ومحير*** ما ذاق طعم حلاوة الايمان
لما فسى الجهال في آذانه*** أعموه دون تدبر القرآن
فثنى لنا العطفين منه تكبرا*** وتبخترا في حلة الهذيان
ان قلت قال الله قال رسوله*** فيقول جهلا أين قول فلان




فصل
في أن الجنة قيعان وأن غراسها الكلام الطيب والعمل الصالح


أوما سمعت بأنها القيعان فاغـ***ـرس ما تشاء بذا الزمان الفاني
وغراسها التسبيح والتكبير والتـ***ـحميد والتوحيد للرحمن
تبار لتارك غرسه ماذا الذي*** قد فاته من مدة الامكان
يا من يقر بذا ولا يسعى له*** بالله قل لي كيف يجتمعان
أرأيت لو عطلت أرضك من غرا***س ما الذي تجني من البستان
وكذاك لو عطلتها من بذرها*** ترجو المغل يكون كالكيمان
ما قال رب العالمين وعبده*** هذا فراجع مقتضى القرآن
وتأمل الباء التي قد عينت*** سبب الفلاح لحكمة الفرقان
وأظن باء النفي قد غرتك في*** ذاك الحديث أتى به الشيخان
لن يدخل الجنات أصلا كادح*** بالسعي منه ولو على الأجفان
والله ما بين النصوص تعارض*** والكل مصدرها عن الرحمن
لكنّ بالاثبات للتسبيب والـ***ـباء التي للنفي بالأثمان
والفرق بينهما ففرق ظاهر*** يدريه ذو حظ من العرفان


فصل
في اقامة المأتم على المتخلفينوعن رفقة السابقيت

بالله ما عذر امرئ هو مؤمن*** حقا بهذا ليس باليقظان
بل قلبه في رقدة فاذا استفا***ق فلبسه هو حلة الكسلان
تالله لو شاقتك جنات النعيـ***ـم  طلبتها بنفائس الأثمان
وسعيت جهدك في وصال نواعم*** وكواعب بيض الوجوه حسان
جليت عليك عرائس والله لو*** تجلى على صخر من الصوان
رقت حواشيه وعاد لوقته*** ينهال مثل نقى من الكثبان
لكن قلبك في القساوة جاز حد*** الصخرة والحصباء في أشجان
لو هزك الشوق المقيم وكنت ذا*** حس لما استبدلت بالأهوان
أو صادفت منك الصفات حياة قلـ***ـب كنت ذا طلب لهذا الشان
خود تزف الى ضرير مقعد*** يا محنة الحسناء بالعميان
شمس لعنين تزف اليه ما*** ذا حلية العنين في الغشيان


يا سلعة الرحمن لست رخيصة*** بل انت غاليى على الكسلان
يا سلعة الرحمن ليس ينالها*** في الألف الا واحد لا اثنان
يا سلعة الرحمن ماذا كفؤها*** الا أولو التقوى مع الايمان
يا سلعة الرحمن سوقك كاسد*** بين الأراذل سلفة الحيوان
يا سلعة الرحمن أين المشتري*** فلقد عرضت بأيسر الأثمان
يا سلعة الرحمن هل من خاطب*** فالمهر قبل الموت ذو امكان
يا سلعة الرحمن كيف تصبر الـ***ـخطاب عنك وهم ذوو ايمان
يا سلعة الرحمن لولا أنها*** حجبت بكل مكاره الانسان
ما كان عنها قط من متخلف*** وتعطلت دار الجزاء الثاني
لكنها حجبت بكل كريهة*** ليصد عنها المبطل المتواني
وتنالها الهمم التي تسمو الى*** رب العلى بمشيئة الرحمن


فاتعب ليوم معادك الأدنى تجد*** راحاته يوم المعاد الثاني
واذا أبت ذا الشان نفسك فاتـ***ـهمها ثم راجع مطلع الايمان
فإذا رأيت الليل بعد وصبحه*** ما انشق عنه عمودة لأذان
والناس قد صلوا صلاة الصبح وانـ***ـتظروا طلوع الشمس قرب زمان
فاعلم بأن العين قد عميت فنا***شد ربك المعروف بالاحسان
واسأله ايمانا يباشر قلبك الـ***ـمحجوب عنه لتنظر العينان
واسأله نورا هاديا يهديك في*** طرق المسير اليه كل أوان
والله ما خوفي الذنوب فانها*** لعلى طريق العفو والغفران
لكنما أخشى انسلاخ القلب من*** تحكيم هذا الوحي والقرآن
ورضا بآراء الرجال وخرصها*** لا كان ذاك بمنة الرحمن


فبأي وجه التقى ربي اذا*** أعرضت عن ذا الوحي طول زمان
وعزلته عمّا أريد لأجله*** عزلا حقيقيا بلا كتمان
صرّحت أن يقيننا لا يستفاد*** به وليس لديه من اتقان
أوليته هجرا وتأويلا وتحـ***ـريفا وتفويضا بلا برهان
وسعيت جهدي في عقوبة ممسك*** بعراه لا تقليد رأي فلان
يا معرضا عما يراد به وقد*** جد المسير فمنتهاه دان
جذلان يضحك آمنا متبخترا*** فكأنه قد نال عقد أمان
خلع السرور عليه أوفى حلة*** طردت جميع الهم والأحزان
يختال في حلل المسرة ناسيا*** ما بعدها من حلة الأكفان
ما سعيه الا لطيب العيش في الد***نيا ولو أفضى الى النيران
قد باع طيب العيش في دار النعيـ***ـم بذا الحطام المضمحل الفاني
اني أظنك لا تصدق كونه*** بالقرب بل ظن بلا ايقان 
بل قد سمعت الناس قالوا جنة*** ايضا ونار بل لهم قولان
والوقف مذهبك الذي تختاره*** واذا انتهى الايمان للرجحان
أم تؤثر الأدنى عليه وقالت النـ***ـفس التي استعلت على الشيطان
أتبيع نقدا حاصلا بنسيئة*** بعد الممات وطي ذي الأكوان
لو أنه بنسيئة الدنيا لها*** ن الأمر لكن في معاد ثان
دع ما سمعت الناس قالوه وخذ*** ما قد رأيت مشاهدا بعيان


والله لو جالست نفسك خاليا*** وبحثتها بحثا بلا روغان
لرأيت هذا كامنا فيها ولو*** أمنت لألقته الى الآذان
هذا هو السر الذي من أجله اخـ***ـتارت عليه العاجل المتدان
نقد قد اشتدت اليه حاجة*** منها ولم يحصل لها بهوان
أتبيعه بنسيئة في غير هذي*** الدار بعد قيامة الأبدان
هذا وان جزمت بها قطعا ولـ***ـكن حظها في حيّز الامكان
ما ذاك قطعيا لها والحاصل الـ*** ـموجود مشهود برأي عيان
فتألفت من بين شهوتها وشبـ***ـهتها قياسات من البطلان
واستنجدت منها رضا بالعاجل الـ***أدنى على الموعود بعد زمان
وأتى من التأويل كل ملائم*** لمرادها يا رقة الايمان 


وضعت الى شبهات أهل الشرك والـ***ـتعطيل مع نقص من العرفان
واستنقصت أهل الهدى ورأيتهم*** في الناس كلغرباء في البلدان
ورأت عقول الناس دائرة على*** جمع الحطام وخدمة السلطان
وعلى المليحة والمليح وعشرة الـ***أحباب والأصحاب والاخوان
فاستوعرت ترك الجميع ولم تجد*** عوضا تلذ به من الاحسان
فالقلب ليس يقر ألا في انا***ء فهو دون الجسم ذو جولان
يبغي له سكنا يلذ بقربه*** فتراه شبه الواله الحيران
فيحب هذا ثم يهوى غيره*** فيظل منتقلا مدى الأزمان
لو نال كل مليحة ورياسة*** لم يطئن وكان ذا دوران
بل لو ينال بأسرها الدنيا لما*** قرت بما قد ناله العينان
 نقل فؤادك حيث شئت من الهوى*** واختر لنفسك أحسن الانسان
فالقلب مضطر الى محبوبه الـ***أعلى فلا يغنيه حب ثان
وصلاحه وفلاحه ونعيمه*** تجريد هذا الحب للرحمن
فإذا تخلى منه أصبح حائرا*** ويعود في ذا الكون ذا هيمان


فصل
في زهد أهل العلم والايمان وإيثارهم الذهب الباقي على الخزف الفاني

لكن ذا الايمان يعلم أن هـ***ـذا كالظلال وكل هذا فان
كخيال طيف ما استتم زيارة*** الا وصبح رحيله بأذان
وسحابة طلعت بيوم صائف*** فالظل منسوخ بقرب زمان
وكزهرة وافى الربيع بحسنها*** او لامعا فكلاهما أخوان
أو كالسراب يلوح للظمآن في***وسط الهجير بمستوى القيعان
أو كالأماني طاب منها ذكرها*** بالقول واستحضارها بجنان
وهي الغرور رؤوس أموال المفا***ليس الألى اتجروا بلا أثمان
أو كالطعام يلذ عند مساغه***لكن عقباه كما تجدان
هذا هو المثل الذي ضرب الرسو***ل لها وذا في غاية التبيان


وإذا أردت ترى حقيقتها فخذ*** منه مثالا واحدا ذا شان
أدخل بجهدك أصبعا في أليم وانـ***ـظر ما تعلقه اذا بعيان
هذا هو الدنيا كذا قال الرسو***ل ممثلا والحق ذو تبيان
وكذاك مثلها بظل الدوح في*** وقت الحرور لقائل الركبان
هذا ولو عدلت جناح بعوضة*** عند الاله الحق في الميزان
لم يسق منها كافرا من شربة*** ماء وكان الحق بالحرمان
تالله ما عقل امرئ قد باع ما*** يبقى بما هو مضمحل فان
هذا ويفتي ثم يقضي حاكما*** بالحجر من سفه لذا الانسان
اذ باع شيئا قدره فوق الذي*** يعتاضه من هذه الأثمان
فمن السفيه حقيقة ان كنت ذا*** عقل واكن العقل للسكران
والله لو أن القلوب شهدن منـ***ـا كان شأن غير هذا الشأن
نفس من الأنفاس هذا العيش ان*** قسناه بالعيش الطويل الثاني
يا خسة الشركاء مع عدم الوفا***ء وطول جفوتها من الهجران
هل فيك معتبر فيسلو عاشق*** بمصارع العشاق كل زمان
لكن على تلك لعيون غشاوة*** وعلى القلوب أكنة النسيان


أخو البصائر حاضر متيقظ*** متفرد عن زمرة العميان
يسمو الى ذاك الرفيق الأرفع الأ***على وخلى اللعب للصبيان
الناس كلهم فصبيان وان*** بلغوا سوى الأفراد والوحدان
اذا ما رأى ما يشتهيه قال مو***عدك الجنان وجد في الأثمان
اذا أبت الا الجماح أعاضها*** بالعلم بعد حقائق الايمان
يرى من الخسران بيع الدائم الـ***ـباقي به يا ذلة الخسران
يرى مصارع أهله من حوله*** وقلوبهم كمراجل النيران
مسراتها هن الوقود فان خبت*** زادت سعيرا بالوقود الثاني
جاءوا فرادى مثل ما خلقوا بلا*** مال ولا أهل ولا اخوان
ما معهم شيء سوى الأعمال فهـ***ـي متاجر للنار أو لجنان
تسعى بهم أعمالهم سوقا الى الد***ارين سوق الخيل بالركبان
صبروا قليلا فاستراحوا دائما*** يا عزة التوفيق للانسان
حمدوا التقى عند الممات كذا السرى*** عند الصباح فحبذا الحمدان
وحدت بهم عزماتهم نحو العلى*** وسروا فما نزلوا الى نعمان
باعوا الذي يفنى من الخزف الخسيـ***ـي بدائم من خالص العقيان
رفعت لهم في السير اعلام  السعا***دة والهدى يا ذلة الحيران
فتسابق الأقوام وابتدروا لها*** كتسابق الفرسان يوم رهان
وأخو الهوينا في الديار مخلف*** مع شكله يا خيبة الكسلان


فصل
في رغبة قائلها الى من يقف عليها من أهل العلم والايمان أن يتجرد الى الله
ويحكم عليها بما يوجبه الدليل والبرهان، فان رأى حقا قبله وحمد
الله عليه وإن رأى باطلا عرف به وأرت اليه

يا أيها القارئ لها اجلس مجلس الـ***ـحكم الأمين أتى له الخصمان
واحكم هداك الله حكما يشهد الـ***ـعقل الصريح به مع القرآن
واحبس لسانك برهة عن كفره*** حتى تعارضها بلا عدوان
فإذا فعلت فعنده أمثالها*** فنزال آخر دعوة الفرسان
فالكفر ليس سوى العناد ورد ما*** جاء الرسول به لقول فلان
فانظر لعلك هكذا دون الذي***قد قالها فتفوز بالخسران
فالحق شمس والعيون نواظر*** لا تختفي الا على العميان
والقلب يعمى عن هداه مثل ما*** تعمى وأعظم هذه العينان


هذا وأني بعد ممتحن بأر***بعة وكلهم ذو أضغان
فظ غليظ جاهل متعلم*** ضخم العمامة واسع الأردان
متفيهف متضلع بالجهل ذو*** صلع وذو جلح من العرفان
مزجي البضاعة في العلوم وأنه*** زاج من الايهام والهذيان
يشكو الى الله الحقوق تظلما*** من جهله كشكاية الأبدان
من جاهل متطبب يفتي الورى*** ويحيل ذاك على قضا الرحمن
عجت فروج الخلق ثم دماؤهم*** وحقوقهم منه الى الديان
ما عنده علم سوى التكفير والتـ***ـبديع والتضليل والبهتان
فاذا تيقن أنه المغلوب عنـ***ـد تقابل الفرسان في الميدان
قال اشتكوه الى القضاة فانهم*** حكموا وألا أشكوه للسلطان
قولوا له هذا يحل الملك بل*** هذا يزيل الملك مثل فلان
فاعقره من قبل اشتداد الأمر منـ***ـه بقوة الاتباع والأعوان
واذا دعاكم للرسول وحكمه*** فادعوه كلكم لرأي فلان
واذا اجتمعتم في المجالس فالغو*** والغوا اذا ما احتج بالقرآن
واستنصروا بمحاضر وشهادة*** قد أصلحت بالرفق والاتقان
لا تسألوا الشهداء كيف تحملوا*** وبأي وقت بل بأي مكان
وارفوا شهادتهم ومشوا حالها*** بل أصلحوها غاية الامكان
واذا هم شهدوا فزكوهم ولا*** تصغوا لقول الجارح الطعان
قولوا العدالة منهم قطيعة*** لسنا نعارضها بقول فلان
ثبتت على الحكام بل حكموا بها*** فالطعن فيها ليس ذا امكان
من جاء يقدح فيهم فليتخذ***ظهرا كمثل جدارة الصوان
واذا هو استعدادهم فجوابكم*** أتردها بعداوة الديان


فصل
في حال العدو الثاني

أو حاسد قد بات يغلي صدره*** بعداوتي كالمرجل الملآن
لو قلت هذا البحر قال مكذبا*** هذا السراب يكون بالقيعان
أو قلت هذي الشمس قال مباهتا*** الشمس لم تطلع الى ذا الآن
أو قلت قال الله قال رسوله*** غضب الخبيث وجاء بالكتمان
أو حرف القرآن عن موضوعه*** تحريف كذاب على القرآن
صال النصوص عليه فهو بدفعها*** متوكل بالدأب والديان
فكلامه في النص عند خلافه*** من باب دفع الصائل الطعان
فالقصد دفع النص عن مدلوله*** كيلا يصول اذا التقى الزحفان

فصل
في حال العدو الثالث

والثالثل الأعمى المقلد ذينك الر***جلين قائد زمرة العميان
فاللعن والتكفير والتبديع والتـ***ـضليل والتفسيق بالعدوان
فاذا هم سألوه مستندا له***قال اسمعوا ما قاله الرجلان



فصل
في حال العدو الرابع

هذا ورابعهم وليس بكلبهم***حاشا الكلاب الآكلي الأنتان
خنزير طبع في خليقة ناطق*** متسوف بالكذب والبهتان
كالكلب يتبعهم يشمشم أعظما*** يرمونها والقوم للحمان
يتفكهون بها رخيصا سعرها*** ميتا بلا عوض ولا أثمان
هو فضلة في الناس لا علم ولا*** دين ولا تمكين ذي سلطان
فإذا رأى شرا تحرك يبتغي*** ذكرا كمثل تحرك الثعبان
ليزول منه أذى الكساد فينفق الـ***ـكلب العقور على ذكور الضان
فبقاؤه في الناس أعظم محنة*** من عسكر يعزى الى غازان
هذي بضاعة ضارب في الأرض يبـ***ـغي تاجرا يبتاع بالأثمان
وجد التجار جميعهم قد سافروا*** عن هذه البلدان والأوطان
الا الصعافقة الذين تكلفوا*** أن يتجروا فينا بلا أثمان
فهم الزبون لها فبالله ارحموا*** من بيعة من مفلس مديان
يا رب فارزقها بحقك تاجرا*** قد طاف بالآفاق والبلدان
ما كل كنقوش لديه أصفر*** ذهبا يراه خالص العقيان
وكذا الزجاج ودرة الغواص في*** تمييزه ما إن هما مثلان


فصل
في توجه أهل السنة الى رب العالمين
أن ينصر دينه وكتابه ورسوله وعباده المؤمنين

هذا ونصر الدين فرض لازم*** لا للكفاية بل على الأعيان
بيد وأما باللسان فان عجز***ت فبالتوجه والدعاء بحنان
ما بعد ذا والله للايمان حبـ***ـة خردل يا ناصر الايمان
بحياة وجهك خير مسئول به*** وبنور وجهك يا عظيم الشان
وبحق نعمتك التي أوليتها*** من غير ما عوض ولا أثمان
وبحق رحمتك التي وسعت جميع الـ***ـخلق محسنهم كذاك الجاني
وبحق أسماء لك الحسنى معا***نيها نعوت المدح للرحمن
وبحق حمدك وهو حمد واسع الـ***أكوان بل أضعاف ذي الأكوان
وبأنك الله الاله الحق معـ***ـبود الورى متقدس عن ثان
بل كل معبود سواك فباطل*** من دون عرشك للثرى التحتاني
وبك المعاذ ولا ملاذ سواك أنـ***ـت غياث كل ملدد لهفان
من ذاك للمضطر يسمعه سوا***ك يجيب دعوته مع العصيان
انّا توجهنا اليك لحاجة*** ترضيك طالبها أحق معان
فاجعل قضاها بعض أنعمك التي*** سبغت علينا منك كل زمان


انصر كتابك والرسول ودينك الـ***ـعالي الذي أنزلت بالبرهان
واخترته دينا لنفسك واصطفيـ***ـت مقيمه من أمة الانسان
ورضيته دينا لمن ترضاه من*** هذا الورى هو قيم الأديان
وأقر عين رسولك المبعوث بالـ***ـدين الحنيف بنصره المتدان
وانصره بالنصر العزيز كمثل ما*** قد كنت تنصره بكل زمان
يا رب وانصر خير حزبينا على*** حزب الضلال وعسكر الشيطان
يا رب واجعل شر حزبينا فدى*** لخيارهم ولعسكر القرآن
يا رب واجعل حزبك المنصور أهـ***ـل تراحم وتواصل وتدان
يا رب وارحمهم من البدع التي*** قد أحدثت في الدين كل زمان
يا رب جنبهم طرائقها التي*** تفضي بسالكها الى النيران
يا رب واهدهم بنور الوحي كي*** يصلوا اليك فيظفروا بجنان
يا رب كن لهم وليا ناصرا*** واحفظهم من فتنة الفتان
وانصرهم يا رب بالحق الذي*** أنزلته يا منزل القرآن

يا رب هم الغرباء قد*** لجأوا اليك وأنت ذو الاحسان
يا رب قد عادوا لأجلك كل*** هذا الخلق الا صادق الايمان
قد فارقوهم فيك أحوج ما هم*** دنيا اليهم في رضا الرحمن
ورضوا ولايتك التي من نالها*** نال الأمان ونال كل اماني
ورضوا بوحيك من سواه وما ار***تضوا بسواه من آراء ذي الهذيان
يا رب ثبتهم على الايمان واجـ***ـعلهم هداة التائه الحيران
وانصر على حزب النفاة عساكر الـ***إثبات أهل الحق والعرفان
وأقم لأهل السنة النبوية الـ***انصار وانصرهم بكل زمان
واجعلهم للمتقين أئمة*** وارزقهم صبرا مع الايقان
تهدي بأمرك لا بما قد أحدثوا*** ودعوا اليه الناس بالعدوان
وأعزهم بالحق وانصرهم به*** نصرا عزيزا أنت ذو السلطان
واغفر ذنوبهم وأصلح شأنهم*** فلأنت أهل العفو والغفران
ولك المحامد كلها حمدا كما*** يرضيك لا يفنى على الأزمان
ملك السموات العلى والأرض والـ*** ـموجود بعد ومنتهى الامكان
مما تشاء وراء ذلك كله*** حمدا بغير نهاية بزمان
وعلى رسولك أفضل الصلوات والتـ***ـسليم منك وأكمل الرضوان
وعلى صحابته جميعا والألى***تبعوهم من بعد بالاحسان

تمت بحمد الله 







ليست هناك تعليقات: